فصل: هجرس

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العباب الزاخر واللباب الفاخر ***


ممس

الأزهريّ في قول عمرو بن أحْمَر الباهِليِّ يَصِف مَهَاةً‏:‏

تُطَايِحُ الطَّلَّ عن أرْدافِها صُعُدا *** كَما تَطَايَحَ عن مامُوْسَةَ الشَّرَرُ

قال‏:‏ مامُوسَة‏:‏ أراد بها النّار، وهي مَعْرِفَة عِنْدَه لا تَنْصَرِف، قال‏:‏ ولم يُوجَد هذا الحَرْفُ في غَيْرِ شِعْرِ ابن أحْمَرَ، وكانَ فَصيحًا‏.‏ هذه حِكايَة ما قالَه الأزْهَرِيّ في تركيب م س س‏.‏ قال الصغّاني مؤلِّف هذا الكتاب‏:‏ فإِنْ كانتْ غَيْرَ مَهْموزَة فمَوْضِعُ ذِكْرِها تركيب أ م س، والذي في شِعْرِهِ‏:‏ ‏"‏عن أعطافِها‏"‏ و ‏"‏في الماموسَةِ‏"‏‏.‏ وقيل‏:‏ الماموسَةُ الفَلاَةُ، ويُروى‏:‏ المابُوسَةِ‏.‏ وقال ذو الرُّمَّةِ‏:‏ أنْشَدَني الزِّياديُّ‏:‏ عن ماسُوْسَةَ‏.‏

وقال ابن عبّاد‏:‏ المامُوسُ‏:‏ النارُ، وقيلَ مَوْضِع النار‏.‏

قال‏:‏ والمامُوْسَة من النِّساء‏:‏ الحَمقاء الخَرْقاء، ذَكَرَهُما في تركيب م س س أيضًا، والكَلامُ فيما قال ابن عبّاد كالكلام فيما قال الأزْهَريّ‏.‏

منس

ابن الأعرابيّ‏:‏ المَنَسُ -بالتحريك-‏:‏ النَّشاطُ‏.‏

والمَنْسَةُ -بالفَتْح-‏:‏ المَسَّةُ من كُلِّ شَيْءٍ‏.‏

موس

المَوْس‏:‏ حَلْقُ الشَّعَرِ، وقيل‏:‏ في صِحَّتِهِ نَظَرٌ، وقال ابن فارِس‏:‏ لا أدري ما صِحَّتُه‏.‏

وقال الليث‏:‏ المَوْسُ‏:‏ تأسِيْسُ المُوْسى التي يُحْلَقُ بها، قال‏:‏ وبعضُهم يُنَوِّن مُوْسىً‏.‏ قال الأزهري‏:‏ جَعَلَ مُوْسى فُعْلى من المَوْس، والميم أصليّة على قولِه، ولا يَجوز تَنْوِينُه على هذا القَوْل‏.‏ وقال ابن السكِّيت‏:‏ يقال هذه مُوْسى جَديدة، وهي فُعلى عن الكسائيِّ، قال‏:‏ الأُمَويّ‏:‏ هو مُذَكَّرٌ لا غَيْرَ، يقال‏:‏ هذا مُوسىً كما تَرى، وهو مُفْعَلٌ؛ مِنْ أوْسَيْتُ رأْسَه‏:‏ إذا حَلَقْتَه بالمُوسى‏.‏ قال يعقوب‏:‏ وأنشدنا الفرّاء في تأنيث المُوْسى، وهو لِزيادٍ الأعْجَم يهجو خالِد بن عَتّاب بن وَرْقاء لمّا رَمى إليه خالِد بَدْرَةً من الدَّراهم وقال له مازِحًا‏:‏ فإِن تَكُنِ المُوْسى جَرَتْ فَوْقَ بَظْرِها‏.‏

وقال الليث‏:‏ مُوْسى النَّبيُّ -صلوات الله عليه- يقال‏:‏ اشتِقاقُه من الماء والشَّجَرِ، ف‏"‏مُوْ‏"‏ ماءٌ؛ و‏"‏سا‏"‏ شَجَرٌ؛ لحالِ التّابُوتِ والماءِ‏.‏ وهو عِبْرَانيٌّ عُرِّبَ‏.‏ وقال ابن فارِس‏:‏ النّسْبَةُ إليه مُوْسِيٌّ، وذلك أنَّ الياءَ فيه زائدةٌ، كذا قال الكِسَائيّ‏.‏

وقال ابن السكِّيت في كتاب التصغير‏:‏ تَصْغيرُ مُوسى -اسمُ رجُل-‏:‏ مُوَيْسى، كأنَّ مُوْسى فُعْلى، وإن شئتَ قُلْتَ مُوَيْسِيْ -بكسر السين وإسْكان الياء غير مُنَوَّنَة-‏.‏ وتقول في النَّكِرَة‏:‏ هذا مُوَيْسِيْ ومُوَيْسٍ آخَرُ، فلم تصْرِفِ الأوَّلَ لأنّه أعْجَميٌّ مَعْرِفَةٌ‏.‏ وَصَرَفْتَ الثانيَ لأنَّه نَكِرَة، وموسى في هذا التَّصْغير‏:‏ مُفْعَلٌ‏.‏ قال‏:‏ فأمّا مُوْسى الحَدِيْدِ فَتُصَغِّرُها مُوَيْسِيةً فيمن قال‏:‏ هذه مَوْسىً، ومُوَيْسٍ فيمن قال‏:‏ هذه مُوْسى، قال‏:‏ وهي تُذَكَّرُ وتُؤنَّثُ، وهي من الفِعْلِ مُفْعَلٌ والياءُ أصْلِيَّة‏.‏

وقال غيره‏:‏ رجُلٌ ماسٌ -مثال مالٍ-‏:‏ وهو الذي لا يَنْفَعُ فيه العِتاب، وقيل‏:‏ هو الخَفيف الطَيّاش‏.‏

والمَاسُ‏:‏ حَجَرٌ من الأحجار المُتَقَوِّمةِ، وهو مَعْدودٌ في الجَواهِر كالياقُوتِ والزَّبَرْجَدِ، والعامَّةُ تُسَمِّيه‏:‏ الألمَاسَ‏.‏

والعَبّاس بن أحمد بن أبي مَوّاس -بالفتح والتشديد- البغدادِيّ‏:‏ صاحِبُ الخَطِّ المَليحِ الصَّحيح‏.‏

ومُوَيْس -مُصَغّرًا-‏:‏ هو مُوَيْس بن عِمْران أحَدُ المُتَكَلِّمِين‏.‏

وقال الليث‏:‏ المَوْس‏:‏ لُغة في المَسْيِ‏:‏ وهو أنْ يُدْخِلَ الرّاعي يدَهُ في رَحِمِ النّاقة أو الرَّمَكَةِ يَمْسُطُ ماءَ الفَحْلِ من رَحِمِها‏.‏ اسْتِلآمًا للفَحْلِ وكَراهِيَةَ أنْ تحْمِلَ له‏.‏

ميس

المَيْس والمَيَسَانُ‏:‏ التَّبَخْتُر، يقال‏:‏ ماسَ يَمِيْسُ مَيْسًا وميَسانًا، قال لَقيط بن زُرارَة‏:‏

يا لَيْتَ شِعْري اليَومَ دَخْتَنوسُ *** إذا أتاها الخَبَرُ المَرْمَوْسُ

أتحْلِقُ القُرُوْنَ أمْ تَمِيْسُ *** لا بَلْ تَمِيْسُ إنَّها عَرُوْسُ

فهو مائِس ومَيُوس ومَيّاس، قال رؤبة يصف الغواني‏:‏

مِثْلُ الدُّمى تَصْوِيرُهُنَّ أطْواسْ *** ومِرْفَلُ العَيْشِ رِفَلٌّ مَيّاسْ

وقال رؤبة -أيضًا- يَذْكُرُ كِبَرَه وهَرَمَه‏:‏

أحْدُوا المُنى وأغْبِطُ العَرُوْسا *** لا أسْتَحي القُرّاءَ أنْ أمِيْسا

أحْسِبُ يَوْمَ الجُمْعَةِ الخَمِيْسا ***

وفي حديث أبي الدَّرْداء -رضي الله عنه-‏:‏ تَدْخُلُ قَيْسًا وتَخْرُجُ مَيْسًا‏.‏ وقد كُتِبَ الحديث بتمامه في تركيب ق ي س‏.‏

والجَمَلُ رُبَّما ماسَ بِهَوْدَجِهِ في مَشْيِهِ ميَسَانًا‏.‏

وفي المَثَل‏:‏ إنَّ الغَنِيَّ الطويلَ الذَّيْلِ مَيّاس‏.‏ أي لا يَقْدرُ أن يَكْتُمَ الغِنى‏.‏

ومَيّاس -أيضًا-‏:‏ فَرَسٌ شَقيقِ بن جَزْءٍ أحَدِ بَني قُتَيْبَة قال فيه عمرو بن أحْمَر الباهليّ‏:‏

مَنى لكَ أنْ تَلْقى ابن هِنْدٍ منِيةٌ *** وفارِسَ مَيّاسٍ إذا ما تَلَبَّبا

مَنى‏:‏ قَدَّرَ‏.‏

والمَيّاس -أيضًا-‏:‏ الأسَد الذي يختال في مِشْيَتِه، ويَتَبَخْتَر؛ لِقِلَّةِ اكْتِراثِه بِمَن يَلْقاه، قال أبو زُبَيْد حَرْمَلة بن المنذر الطّائيّ يصف الأسَد‏:‏

فَلَمّا أنْ رَآهُم قد تَدانَوا *** تَقَرّى حَوْلَ أرْجُلِهم يَمِيْسُ

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ ماسَ يَمِيْسُ مَيْسًا‏:‏ إذا مَجَنَ، مِثْلُ مَسَأ يَمْسَأ مَسًْا‏.‏ ومَاسَ اللهُ فيهم المَرَضَ يَمِيْسُه‏:‏ أي كَثَّرَه فيهم‏.‏

ومَيسون بنت بَحْدَل بن أُنَيْفٍ؛ من بَني حارِثَة بن جَنَابٍ؛ أُمُّ يَزِيْدَ بن مُعَاوِيَة‏:‏ من التّابِعِيّات‏.‏

والمَيْسون‏:‏ الحَسَنْ القَدِّ الحَسَنُ الوَجْهِ من الغِلْمانِ‏.‏

والزَّبّاءُ المَلِكَة‏:‏ اسْمُها مَيْسُونُ‏.‏

والمَيْسَان‏:‏ من نجوم الجَوْزاء؛ عن ابن دُرَيْد‏.‏ وقال أبو عمرو‏:‏ المَيَاسِينُ‏:‏ النجوم الزاهِرَة‏.‏

ومَيْسان‏:‏ كُوْرَة مَشْهورة بينَ البَصْرَة وواسِط، فُتِحَتُ في خِلافَةِ عُمَرَ -رضي الله عنه-، ووَلاّها النُّعمان بن عَدِيِّ بن نَضْلَةَ العَدَوِيَّ -رضي الله عنه-، ولم يُوَلَّ أحَدًا من بَني عَدِيٍّ غيرَه وِلايَة قَطُّ، لِما كانَ يَعْلَمُ من صَلاحِه‏.‏

وأرادَ النُّعمانُ امْرَأتَه على الخُروجِ إلى مَيْسانَ فأبَت عليه، فَكَتَبَ إلَيْها‏:‏

ألا هَلْ أتى الحَسْناءَ أنَّ حَلِيْلَها *** بِمَيْسَانَ يُسْقى في زُجاجٍ وحَنْتَمِ

إذا شئتَ غَنَّتْني دَهَاقِينُ قَرْيَةٍ *** وصَنّاجَةٌ تَجْذُو على حَرْفِ مَنْسِمِ

فإن كُنْتُ نَدْماني فبالأكْبَرِ اسْقِني *** ولا تَسْقِني بالأصْغَرِ المُتَثَلِّمِ

لَعَلَّ أمِيْرَ المؤْمنينَ يَسُوْؤُهُ *** تَنَادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

فَبَلَغَ ذلِكَ عُمَرَ -رضي الله عنه- فَكَتَبَ إلَيه‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم، حم، تنزيل الكِتابِ من الله العَزيزِ العَلِيم، غافِرِ الذَّنْبِ وقابِلِ التَّوْبِ شَديدِ العِقابِ ذي الطَّوْلِ لا إلهَ إلاّ هو‏.‏ أمّا بَعْدُ‏:‏ فقد بَلَغَني قَوْلُكَ‏:‏

لَعَلَّ أمِيْرَ المؤْمنينَ يَسُوْؤُهُ *** تَنَادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

وأيْمُ اللهِ لقد ساءني ذلك وقد عَزَلْتُكَ‏.‏ فَلَمّا قَدِمَ عليه سألَه فقال‏:‏ واللهِ ما كانَ مِن ذلك شَيْءٌ، وما كانَ إلاّ فَضْلُ شِعْرٍ وَجَدْتُهُ، وما شَرِبْتُها قَطُّ‏.‏ فقال‏:‏ أظُنُّ ذاكَ، ولكن لا تَعْمَلَ لي على عَمَلٍ أبَدًا‏.‏

والنّسْبَةُ إلى مَيْسانَ‏:‏ مَيْسَانيٌّ؛ على الأصْلِ، ومَيْسَنانيٌّ؛ على التغيير‏.‏ قال العجّاج‏:‏

خَوْدًا تَخَالُ رَيْطَها المُدَمْقَسا *** ومَيْسَنانيًّا لها مُمَيَّسا

أُلْبِسَ دِعْصًا بَيْنَ ظَهْرَيْ أوْعَسا ***

وقال ابن عبّاد‏:‏ رَجُلٌ مَيْسَانٌ‏:‏ أي مُتَبَخْتِر، وامْرَأةٌ مَيْسَانَةٌ، وقيل‏:‏ مَيْسَانُ ومَيْسى‏.‏

قال‏:‏ ويقال لِلَيْلَةِ البَدْرِ‏:‏ مَيْسانُ‏.‏

ويقال لأحَدِ كَوْكَبيِ الهَقْعَةِ‏:‏ مَيْسَانُ‏.‏

وقال الدِّيْنَوَريّ‏:‏ المَيْسُ‏:‏ أخْبَرَني بَعْضُ أعْرابِ عُمَانَ -وعُمَانُ مَعْدِنُ المَيْسِ- فقال‏:‏ شجر المَيْسِ عِظامٌ، شَبِيهٌ في نَبَاتِه ووَرَقِه بالغَرَبِ، وإذا كانَ شابًّا فهو أبْيَضْ الجَوْفِ، فإذا قَدُمَ اسْوَدَّ فَصَارَ كالابنوْسِ، ويَغْلُظُ حتّى تُتَّخَذُ منه الموائِد الواسِعة، وتَتَّخَذ منه الرِّحالُ، قال العجّاج يصف الإبل‏:‏

يَنْتُقْنَ بالقَوْمِ من التَّزَعُّلِ *** وهِزَّةِ المِرَاحِ والتَّخَيُّلِ

مَيْسَ عُمَانَ ورِحالَ الإسْحِلِ ***

وقال حُمَيْد بن ثَور الهِلاليّ -رضي الله عنه- يصف الإبل‏:‏

صُهْبٌ إذا غَرِثَتْ فُضُولُ حِبالها *** شَبِعَتْ بَرَاذِعُها ومَيْسٌ أحْمَرُ

فَوَصَفَهُ بالحُمْرَةِ لأنَّه لم يَسْوَدَّ بَعْدُ‏.‏ قال‏:‏ والمَيْس رِيفيٌّ وليس بِبَرِّيٍّ يُغْرَسُ غَرْسًا‏.‏ وفي حديث طَهْفَةَ بن أبي زُهَيْر النَّهْدِيّ -رضي الله عنه-‏:‏ أتَيْناكَ يا رَسولَ اللهِ مِن غَوْري تِهَامَةَ بأكْوارِ المَيْسِ‏.‏ وقد كُتِبَ الحديث بِتَمامِهِ في تركيب و ط ء‏.‏ وقال ذو الرُّمَّة‏:‏

كأنَّ أصْواتَ مِن إيغالِهِنَّ بِنا *** أواخِرِ المَيْسِ أصْواتُ الفَرارِيْجِ

أي كأنَّ أصواتَ أواخِرِ المَيْسِ من ايغالِهِنَّ بنا أصوات الفَراريج‏.‏ وقال الشمَّاخ‏:‏

وشُعْبَتَا مَيْسٍ بَرَاها إسْكافْ ***

وقال الدِّيْنَوَريّ‏:‏ المَيْسُ -أيضًا-‏:‏ ضَرْبٌ من الكُرُوم ينهض على ساقٍ بعض النهوض، ثمَّ يَتَفَرَّع‏.‏ أخْبَرَني بذلك بعض أهلِ المَعْرِفة، ومَعْدِنُه أرْضُ سَرُوْجَ من أرض الجزيرة، قال‏:‏ وأخْبَرَني أنَّه قد رآه بالطائِفِ، وإليه يُنْسَبُ الزَّبِيْبُ الذي يُسَمّى المَيْس، قال‏:‏ وأخبَرَني أنَّ للمَيْسِ ثَمَرَةٌ في خِلْقَةِ الإجّاصَةِ الصَّغيرة‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ المَيّاس‏:‏ الذِّئب؛ لأنَّه يَمِيْسُ أي يَتَحَرَّك‏.‏

والتَّمْيِيْسُ‏:‏ التَّذْيِيْلُ‏.‏ وفُسِّرَ قولُ العَجّاج‏:‏

ومَيْسَنانِيًّا لها مُمَيَّسا ***

بالمُذَيَّلِ؛ أي له ذَيْلٌ‏.‏

وتَمَيَّسَ‏:‏ أي تَبَخْتَرَ؛ مِثْلُ ماسَ، قال‏:‏

وإنّي لَمِنْ قُنْعَانِها حِيْنَ اعْتَزي *** وأمْشي بِهِ نحوَ الوَغى أتَمَيَّسُ

والتَّركيبُ يَدُلُّ على المَيَلان‏.‏

نبرس

النِّبْرَاس‏:‏ المِصْباح‏.‏

ويقال للسِّنان‏:‏ نِبْراس، قال مالك بن خُوَيْلِد الخُناعيّ -ويُروى لأبي ذُؤَيب الهُذَليّ في رِوايَة أبي نَصْر- يصف الأسد‏:‏

صَعْبُ البَدِيهَةِ مَشْبُوْبٌ أظافِرُهُ *** مُواثِبٌ أهْرَتُ الشِّدْقَيْنِ نِبْراسُ

ويُروى‏:‏ ‏"‏جسّاس‏"‏، أي كأنَّه سِنانٌ في حِدَّتِه ومَضائه‏.‏ وقال تميم بن أُبَي بن مُقْبِلٍ‏:‏

قَلْ لابنةِ الأخْطَلِ المَسْلوبِ مِئْزَرُها *** يومَ الفَوارِسِ لَمّا راثَ هادِيْها

ولَسْتُ سائلَها إلاّ بِواحِدَةٍ *** ما رَدَّ‏؟‏ تَغْلِبُ عنها إذْ تُناديْها

إذْ رَدَّها الخَيْلُ تَعْدو وهي خافِضَةٌ *** حَدَّ النَّبارِيْسِ مَطْرورًا نَوَاحِيها

وأمّا قول جرير‏:‏

هَلْ دَعْوَةٌ من جِبالِ الثَّلْجِ مُسْمِعَةٌ *** أهْلَ الإيادِ وحَيًّا بالنَّبارِيْسِ

فالنَّبارِيْسُ‏:‏ شِبَاكٌ لِبَني كُلَيْبٍ؛ وهي الأبْآرُ المُتَقارِبة‏.‏

نبس

النَّبْسُ‏:‏ التَّكَلُّم، يقال‏:‏ نَبَسَ يَنْبِسُ -بالكسر-، وأكثَر ما يُسْتَعْمَل في النَّفْيِ، وأنشد ابن دريد‏:‏

وإذا تُشَدُّ بِرَحْلِها لا تَنْبِسُ ***

وقال أبو عمرو‏:‏ نَبَسَ الرَّجُلُ‏:‏ إذا تَكَلَّمَ فأسْرَعَ، ذَكَرَه في الإثبات‏.‏

ورجل أنْبَسُ الوَجْهِ‏:‏ أي عابِسُه كَرِيْهُه، قال ابن فارِس‏:‏ فيهِ نَظَر‏.‏

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ النُّبُسُ -بضمّتَين-‏:‏ النّاطِقون‏.‏

والنُّبُسُ -أيضًا-‏:‏ المُسْرِعون‏.‏

وقال أبو عُمَر الزاهِد‏:‏ السِّيْن الأولى في ‏"‏سِنْبِسٍ‏"‏ زائدة، والأصل نَبَسَ‏:‏ أي أسْرَعَ‏.‏

وقال ابن عبّاد‏:‏ النَّبْسُ‏:‏ الحَرَكَة، والنابِس‏:‏ المُتَحَرِّك‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ ما سَمِعْتُ للقومِ نَبْسًا ولا نُبْسَة -بالضم-‏.‏ وفي حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أنّه قال‏:‏ إنَّ أهل النارِ لَيَدْعونَ يا مالِكُ؛ فَيَدَعُهم ربّهم أربعين عامًا ثُمَّ يَرَدُّ عليهم‏:‏ إنَّكم ماكِثونَ، فَيَدْعُونَ ربَّهُم مِثْلَ الدُّنيا فَيَرُدُّ عَلَيْهِم‏:‏ اخسئوا فيها ولا تُكَلِّمونِ، فما يَنْبِسُونَ عندَ ذلك، ما هوَ إلاّ الزَّفير وإلاّ الشَّهيق‏.‏

وعن مَروان بن أبي حَفْصَة أنَّه قال‏:‏ أنْشَدْتُ السَّرِيَّ بن عبدِ الله فلم يَنْبِس رُؤبَة‏.‏

نجس

النَّجَسُ والنَّجِسُ والنَّجُسُ والنَّجْسُ والنِّجْسُ‏:‏ ضدُّ الطاهِر، والنَّجاسَة‏:‏ ضِد الطَّهارة، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إنَّما المُشْرِكونَ نَجَسٌ‏}‏، وقُرِئَ ‏{‏نَجْس‏}‏ بِسكون الجيم مع فَتْحَة النون، وقرأَ الضَّحّاك‏:‏ ‏{‏نَجِسٌ‏}‏ مثال كَتِفٍ، وقرأ الحَسَن بن عِمران ونُبَيْح وأبو واقِد والجَرّاح وابن قُطَيْب‏:‏ ‏{‏نِجْسٌ‏}‏ مثال رِجْسٍ‏.‏

وقال الفرّاء‏:‏ إذا قالُوهُ مَعَ الرِّجْسِ أتْبَعوهُ إياه وقالوا‏:‏ رِجْسٌ نِجْسٌ‏.‏ وكان النبي -صلى الله عليه وسلّم- إذا دَخَلَ الخَلاءَ قال‏:‏ اللهُمَّ إنّي أعوذُ بكَ من الرِجْسِ النِجْسِ الخَبيثِ المُخْبِثِ الشَّيْطان الرَّجيم‏.‏

وقد نَجِسَ يَنْجَسُ -مثال سَمِعَ يَسْمَعُ- ونَجُسَ يَنْجُسُ -مثال كَرُمَ يَكْرُمُ-‏.‏

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ النُّجُسُ -بضمَّتَين-‏:‏ المُعَقِّدُوْن‏.‏

وداءٌ ناجِسٌ ونَجِيْسٌ‏:‏ إذا كانَ لا يُبْرَأُ مِنه، قال‏:‏

وداءٌ بِهِ أعيا الأطِبَّة ناجِسُ ***

وقال ساعِدَة بن جُؤيَّة الهُذَليّ‏:‏

إنَّ الشّبابَ رِداءٌ مَنْ يَزِنْ تَرَهُ *** يُكْسَى الجَمالَ ويُفْنِدْ غَيْرَ مُحْتَشِمِ

والشَّيْبُ داءٌ نَجِيْسٌ لا شِفاءَ لهُ *** للمَرْءِ كانَ صَحِيحًا صائبَ القُحَمِ

وإذا قُلْتَ‏:‏ رَجُلٌ نَجِسٌ -بكسر الجيم- ثَنَّيْتَ وجَمَعْتَ، وإذا قُلْتَ‏:‏ نَجَسٌ -بفَتحِها- لم تُثَنِّ ولم تَجْمَع وقُلْتَ‏:‏ رَجُلٌ نَجَسٌ ورَجُلانِ نَجَسٌ ورِجالٌ نَجَسٌ وامرأةٌ نَجَسٌ ونِساءٌ نَجَسٌ‏.‏

ويقال‏:‏ أنْجَسَه ونَجَّسَه تَنْجِيْسًا‏.‏ ومنه حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «إنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنَجِّسُه شَيْءٌ إلاّ ما غَيَّرَ طَعْمَه أو لَوْنَه أو رِيْحَه»‏.‏

والتَّنْجِيْسُ‏:‏ شَيْءٌ كانَتِ العَرَبُ تَفْعَلُه على الذي يُخَافُ عليهِ وَلُوْعُ الجِنِّ به؛ وهوَ القَذَرُ؛ نحوَ خِرْقَةِ الحائضِ وعِظامِ المَوْتى، وهذا من أفعال العَرَبِ، قال المُمَزَّقُ النُّكْرِيّ واسمُه شأسُ بن نَهار بن أسْوَدَ بن حَرِيْد بن حَيِيِّ بن عَوْف بن سُوْدِ بن عُذْرَة بن مُنَبِّه بن نُكْرَة بن لُكَيْز بن أفْصى بن عبد القيس‏:‏

ولو أنَّ عِنْدي حازِيَيْنِ وراعِبًا *** وعَلَّقَ أنْجاسًا عَلَيَّ المُنَجِّسُ

وقال العجّاج‏:‏

ولم يَهَبْنَ حُمْسَةً لأِحْمَسا *** ولا أخا عَقْدٍ ولا مُنَجِّسا

وقال آخَرُ‏:‏

ولو كُنْتُ في غُمْدانَ أو في عَطالَةٍ *** وعَلَّقَ أنْجاسا عَلَيَّ يَهُوْدُ

وقال الأزهريّ -ومن خَطِّه نَقَلْتُ-‏:‏ قال حَسّان‏:‏

وحازِيَةٍ مَلْبُوْبَةٍ ومُنجِّسٍ *** وطارِقَةٍ في طَرْقِها لم تَشَدَّدِ

ولم أجِد البَيْتَ في شِعْرِ حَسّان بن ثابِت -رضي الله عنه-، فَلْيُطْلَب في شِعْر غَيرِه مِمَّن اسمُه حسّان‏.‏

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ ومِنْ العادات التَّمِيميَّة والجُلْبَة والمُنَجَّسَة‏.‏ وقال ثعلَب‏:‏ قلتُ لابن الأعرابيّ‏:‏ لِمَ قِيْلَ لِلمُعَوَّذِ مُنَجِّسٌ وهو مأخوذ مِنْ النَّجاسَة‏؟‏ فقال‏:‏ للعَرَبِ أفْعالٌ تُخالِفُ معانِيها ألفاظَها، يُقال‏:‏ فُلان يَتَتَجَّسُ إذا فَعَلَ فِعْلًا تَحَرَّجَ به من النَّجَاسَة، كما يقال‏:‏ يَتَاثَّمُ ويَتَحَرَّجُ ويَتَحَنَّثُ ويَتَحَوَّبُ إذا فَعَلَ فِعلًا يَخْرُجُ بِه من الإثم والحَرَجِ والحِنْثِ والحُوْبِ‏.‏

ويقال‏:‏ تَنَجَّسُ الثّوب‏:‏ إذا أصابَتْهُ نَجاسَةٌ‏.‏

والتركيب يدل على خِلافِ الطَّهارَة‏.‏

نحس

ابن عبّاد‏:‏ النَّحْسُ‏:‏ الأمر المُظْلِم‏.‏

والنَّحْسَانِ‏:‏ زُحَل والمِرِّيْخ، والسُّعْدَانِ‏:‏ المُشْتَري والزُهْرَة‏.‏

ويقال ثلاثُ ليالٍ اللاّتي يقال لَهُنَّ الظُّلَمُ‏:‏ النُّحسُ‏.‏ ويقال‏:‏ أيّامٌ نَحِيْسَةٌ، كما يقال‏:‏ أيامٌ سَعِيْدَة‏.‏

والنَّحْسُ‏:‏ ضِدُّ السَّعْدِ، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏في يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ‏}‏، وقَرَأَ الحَسَن البصريّ‏:‏ ‏{‏في يَوْمٍ نَحِسٍ‏}‏ بالتَّنْوينِ وكسر الحاء، وعنه أيضًا‏:‏ يَوْمٍ نَحِسٍ ويَوْمِ نَحِسٍ؛ على الصِّفَةِ والإضافَةِ والحاء مَكْسورة‏.‏ وقَرَأَ قُرّاءُ الكوفة والشَّامِ ويَزِيْدُ‏:‏ ‏{‏في أيّامٍ نَحِسَاتٍ‏}‏ بكسر الحاء؛ والباقونَ بسُكُونها‏.‏

وقد نَحِسَ الشَّيْء -بالكسر- فهو نَحِسٌ أيضًا، قال‏:‏

أبْلِغْ جُذامًا ولَخْمًا أنَّ إخْوَتَهم *** طَيًّا وبَهْرَاءَ قَوْمٌ نَصْرُهُم نَحِسٌ

ومنه قيل‏:‏ أيّامٌ نَحِسات‏.‏

ونَحُسَ -أيضًا- بالضَّمِّ، ومنه قراءة عبد الرّحمن بن أبي بَكْرَة‏:‏ ‏"‏منْ نارٍ ونَحُسَ‏"‏ على أنَّه فِعْلٌ ماضٍ، أي نَحُسَ يَوْمُهم أو حالهُم‏.‏

والعَرَب تُسَمِّي الرِّيْحَ البارِدَة إذا دَبَرَتْ‏:‏ نَحْسًا، قال عمرو بن أحْمَرَ الباهليّ‏:‏

كأنَّ سُلافَةَ عُرِضَت لِنَحْسٍ *** تُحِيْلُ شَفِيْفها الزُّلالا

وقال ابن دريد‏:‏ النَّحْسُ‏:‏ الغُبارُ في أقطار السَّماء إذا عَكَفَ الجَدْبُ عليها‏.‏ ويقال‏:‏ عامٌ ناحِسٌ ونَحِيْسٌ -زَعَموا-‏.‏ ويقال‏:‏ هاجَ النَّحْسُ‏:‏ أي الغُبارُ، قال‏:‏

إذا هاجَ نَحْسٌ ذو عَثَانِيْنَ والْتَقَتْ *** سَبَارِيْتُ أغْفَالٌ بها الآلُ يَمْصَحُ

وقال ابن دريد‏:‏ المَنَاحِسُ‏:‏ المَشَائمُ‏.‏

والنُّحَاسُ‏:‏ القِطْرُ، عَرَبيٌ مَعروف‏.‏

وقال ابن فارِس‏:‏ النُّحاسُ‏:‏ النّار، قال البَعِيْث‏:‏

دَعُوا الناسَ إنّي سَوْفَ تَنْهى مَخافَتي *** شَياطِينَ يُرْمى بالنُّحاسِ رَجِيْمُها

وقال أبو عُبَيْدَة‏:‏ النُّحاسُ‏:‏ ما سَقَطَ من شَرَارِ الصُّفْرِ أو الحَديد إذا ضُرِبَ بالمِطْرَقَةِ، قال النابغة الذُبْيَانيّ‏:‏

كأنَّ شُوَاظَهُنَّ بِجانِبَيْهِ *** نُحَاسُ الصُّفْرِ تَضْربُهُ القُيُوْنُ

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يُرْسَلُ عليكما شُوَاظٌ من نارٍ ونُحَاسٌ‏}‏ قال أبو عُبَيْدَة‏:‏ النُّحاسُ -ها هُنا- الدخانُ الذي لا لَهَبَ فيه، قال النابغة الجَعْديّ رضي الله عنه‏:‏

أضاءَت لنا النّارُ وَجْهًا أغَرْ *** رَ مُلْتَبِسًا بالفُؤادِ الْتِباسا

يُضِيء كَضَوْءِ سِرَاجِ السَّلِيْ *** طِ لم يَجْعَلِ اللهُ فيه نُحَاسا

والنِّحاسُ -بالكسر- لُغَةٌ فيه، وقَرَأَ مُجَاهِد‏:‏ من نارٍ ونِحاسٌ -بكسر النّون ورفع السين‏.‏

والنُّحاسُ والنِّحاسُ -أيضًا-‏:‏ الطَّبيعَة والأصْل، قال لَبيد رضي الله عنه‏:‏

وكَم فينا إذا ما المَحْلُ أبْدى *** نحاسَ القَوْمِ من سَمْحٍ هَضُوْمِ

وقال آخَر‏:‏

يا أيُّها السائلُ عن نحاسي ***

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ النُّحاسُ‏:‏ مَبْلَغُ أصْلِ الشَّيْءِ، يقال‏:‏ فُلانٌ كريم النُّحاسُ والنِّحاسُ‏:‏ أي كريم النّجَار‏.‏

وقال أبو عمرو‏:‏ نَحَسَتْهُ الإبل‏:‏ عَنَّتْهُ وأشْقَتْهُ‏.‏

ونَحَسَه‏:‏ جَفَاه‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ قَوْلُهم‏:‏ تَنَحَّسَتِ النَّصارى عَرَبيٌّ معروف، لِتَرْكِهِم أكْلَ لَحْمِ الحَيْوان‏.‏ وتَنَهَّسَ - في هذا- لَحْنُ العَوَامِّ‏.‏

وقال ابن السكِّيت‏:‏ تَنَحَّسْتُ الأخبارَ وعن الأخْبارِ‏:‏ أي تَخَبَّرْتُ عنها؛ وتَتَبَّعْتُها بالاسْتِخْبَارِ، ويكون ذلك سِرًّا وعَلانِيَة‏.‏

وتَنَحَّسَ الرَّجُلُ‏:‏ إذا جاعَ‏.‏ ومنه قَوْلُهم‏:‏ تَنَحَّسَ لِشُرْبِ الدَّواءِ‏:‏ إذا تَجَوَّعَ له‏.‏

واسْتَنْحَسْتُ الأخْبارَ‏:‏ مِثْلُ تَنَحَّسْتُها، وكذلك اسْتَنْحَسْتُ عن الأخْبَارِ‏.‏

والتركيب يدل على ضِدِّ السَّعْدِ‏.‏

نخس

النَّخْسُ‏:‏ تَغْرِيْزُكَ مُؤخَّرَ الدّابَّةِ أو جَنْبَها بِعُودٍ أو غَيْرِه، يقال‏:‏ نَخَسْتُ الدابَّةَ أنْخُسُها وأنْخَسُها‏.‏ ونَخَسَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلّم- جَمَلَ جابرٍ -رضي الله عنه- الذي كانَ قد أعْيا فَصَارَ لا يَمْلِكُ رَأسَه‏.‏

وسُمِّيَ النَّخّاسُ لذلك، وفِعْلُه النِّخَاسَةُ -بالكسر-، وذلك لأنَّه يَنْخسُ الدابَّةَ لِتَنْشِطَ وتُسْرِع‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ النَّخّاسُ‏:‏ بَيّاع الرّقيق؛ عَرَبيّ صَحيحٌ، والاسْمُ‏:‏ النِّخَاسَةُ والنَّخَاسَةُ -بكسر النون وفَتْحِها-‏.‏

قال‏:‏ ويُقال نَخَسَ بَنو فلان بفلانٍ‏:‏ إذا طَرَدُوْهُ‏.‏

ونَخَسُوا به بَعِيْرَه، وأنشد‏:‏

النّاخِسِيْنَ بِمَرْوانَ بذي خُشُبٍ *** والدَّاخِلِيْنَ على عُثْمانَ في الدّارِ

والناخِسُ‏:‏ ضاغِطٌ يُصِيْبُ البَعيرَ في إبْطِه‏.‏ ويقال‏:‏ بَعيرٌ به ناخِسٌ‏:‏ إذا احْتَكَّ إبْطُه بِزَوْرِه‏.‏ والنّاخِسُ والضّاغِطُ قَرِيْبٌ بعضهُ من بَعْضٍ‏.‏

والنّاخِسُ في البَعيرِ -أيضًا-‏:‏ جَرَبٌ يكون عِنْدَ ذَنَبِه، والبعير مَنْخُوْسٌ‏.‏

ودائرَة النّاخِسِ‏:‏ التي تكون تَحْتَ جاعِرَتَيِ الفَرَسِ إلى الفائلَيْنِ، وتُكْرَهُ‏.‏

وقال أبو زيد‏:‏ وَعِلٌ ناخِسٌ‏:‏ إذا امْتَلأَ شَبابًا‏.‏ وهو وَعِلٌ ثُمَّ ناخِسٌ‏:‏ إذا نَخَسَ قَرْناه ذَنَبَه من طُولهما، وقيل‏:‏ هوَ النَّخُوْسُ، وإنَّما يكونُ ذلك في الذُّكُورِ، قال‏:‏

يا رُبَّ شاةٍ فاردٍ نَخُوْسِ ***

والنَّخِيْسُ‏:‏ البَكْرَة التي يَتَّسِعُ ثَقْبُها الذي يَجْري فيه المِحْوَر مِمّا يَأْكُلُه المِحْوَر؛ فَيَعْمَدونَ إلى خُشَيْبَةٍ فَيَثْقُبُونَ وَسَطَها؛ ثُمَّ يُلْقِمونَها ذلك الثَّقْبَ المُتَّسِعَ‏.‏ ويقال لِتِلْكَ الخُشَيْبَة‏:‏ النِّخَاسُ -والنِّخَاسَةُ عن الليث- بكسر النون، والبَكرة نَخِيْس، قال‏:‏

دُرْنا ودارَت بَكْرَةٌ نَخِيْسُ *** لا ضَيْقَةَ المَجْرى ولا مَرُوْسُ

وقال بعضهم‏:‏ سأَلْتُ أعْرابيًّا من بَني تَمِيْمٍ بِنَجْدٍ وهو يَسْتَقي وبَكْرَتُه نَخِيْس، فَوَضَعْتُ إصْبَعي على النِّخَاسِ فَقُلْتُ‏:‏ ما هذا‏؟‏ -وأرَدْتُ أنْ أتَعَرَّفَ منه الحاءَ والخاءَ-، فقال‏:‏ نِخَاسٌ بخاءٍ مُعْجَمَة، فَقُلْتُ‏:‏ ألَيْسَ قد قال الشاعِرُ‏:‏

وبَكْرَةٍ نِحَاسُها نُحَاسُ ***

فقال‏:‏ ما سَمِعْنا بهذا في آبائنا الأوَّلِيْنَ‏.‏ تقول منه‏:‏ نَخَسْتُ البَكْرَةَ أنْخَسُها نَخْسًا‏.‏

وقال أبو زيد‏:‏ النَّخِيْسَةُ‏:‏ لَبَنُ العَنْزِ والنَّعْجَةِ يُخْلَطُ بَيْنَهُما‏.‏ وقال الليث‏:‏ النَّخِيْسَة‏:‏ الزُّبْدَة‏.‏ وقال أبو عُمَر‏:‏ النَّخِيْسَة‏:‏ اللَّبَن الحامِضْ يُصَبُّ على اللَّبَنِ الحُلْو‏.‏

والنَّخِيْس‏:‏ موضِع البِطانِ‏.‏

ونُخِسَ لَحْمُ الرّجُل‏:‏ إذا قَلّ‏.‏

ويقال لابن زِنْيَة‏:‏ ابن نُخْسَة، قال الشّمّاخ‏:‏

أنا الجِحَاشيّ شَمّاخٌ ولَيْسَ أبي *** بِنَخْسَةٍ لِدَعِيٍّ غَيرِ موجودِ

وقال أبو سعيد‏:‏ رأيْتُ غُدْرانًا تَنَاخَسُ‏:‏ وهو أن يُفْرِغَ بَعضُها في بَعْضٍ، كتَناخُسِ الغَنَمِ إذا أصابَها البَرْدُ فاسْتَدْفَأَ بَعْضُها بِبَعْضٍ‏.‏ وفي حديثٍ‏:‏ أنَّ قادِمًا قَدِمَ عَلَيْهِ فَسَأَلَه عن خِصْبِ البِلادِ، فَحَدَّثَه‏:‏ أنَّ سَحابَةً وَقَعَتْ فاخْضَرَّتْ لها الأرضُ؛ وفيها غُدُرٌ تَنَاخَسُ‏.‏ قال شَمِر‏:‏ أي يَصُبُّ بعضُها في بَعْضٍ، وقال غيره‏:‏ كأنَّ الواحِدَ يَنْخَسُ الآخَرَ أي يَدْفَعُه‏.‏

والتركيب يدل على نَزْكِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، وقد شَذَّتْ النَّخِيْسَةُ عن هذا التركيب‏.‏

ندس

النَّدْس‏:‏ الطَعْن، يقال‏:‏ نَدَسَه يَنْدُسُه -بالضم-‏:‏ إذا طَعَنَه، ومنه حديث أبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-‏:‏ أنَّه دَخَلَ المَسْجِدَ وهوَ يَنْدُسُ الأرضَ برِجْلِه‏.‏ قال الكُمَيْت‏:‏

ونَحْنُ صَبَحْنا أهْلَ نَجْرانَ غارَةً *** تَمِيْمَ بن مُرٍّ والرِّماحَ النَّوادِسا

وقال جَرير‏:‏

نَدَسْنا أبا مَنْدُوْسَةَ القَيْنَ بالقَنا *** ومارَ دَمٌ من جارِ بَيْبَةَ ناقِعُ

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ المَنْدُوْسَةُ‏:‏ الخُنْفَسَاءُ‏.‏

والنّدوس‏:‏ الناقة التي تَرضَى بأدنى مَرْتَع‏.‏

ونَدَسْتُ به الأرْضَ‏:‏ إذا ضَرَبْتَهُ بها‏.‏

ونَدَسْتُ الشَّيْءَ عن الطَريق‏:‏ نَحَّيْتُه‏.‏

وقال الفرّاء‏:‏ رَجْلٌ نَدْسٌ -بالفتح- ونَدِسٌ ونَدُسٌ -مثال حَذِرٍ وحَذُرٍ-‏:‏ أي فَهِمٍ‏.‏

وقال الليث‏:‏ النَّدُسُ‏:‏ السَّريع الاسْتِماع للصَّوْت الخَفِيِّ‏.‏ قال ذو الرُّمَّة يصف ثورًا‏:‏

وقد تَوَجَّسَ رِكْزًا مُقْفِرٌ نَدسٌ *** بنَبْأةِ الصَّوْتِ ما في سَمْعِهِ كَذِبٌ

ونَدَسْتُ عليه ظَنّي أنْدُسُه‏:‏ وهو أن تَظُنَّ الظَّنَّ لم تَحُقَّه‏.‏

والمِنْداس‏:‏ المرأة الخفيفة‏.‏

ونَدِسَ الرَجُلُ -بالكسر- يَنْدَسُ نَدَسًا -بالتحريك-‏:‏ أي صارَ نَدسًا‏.‏

والمُنادَسَة‏:‏ المُطاعَنَة‏.‏

والمُنادَسَة‏:‏ المُنابَزَة‏.‏

وقال أبو زيد‏:‏ تَنَدَّسْتُ الأخبارَ وعن الأخبارِ‏.‏ إذا تَخَبَّرْتُ عنها من حَيْث لا يُعْلَمَ بِكَ، مِثْلُ تَنَطَّسْتُ وتَنَحَّسْتُ وتَحَدَّسْتُ‏.‏

وتَنَدَّسَ ماءُ البِئْرِ‏:‏ إذا فاضَ من جَوَانِبِها‏.‏

وقال ابن عبّاد‏:‏ التَّنَدُّسُ‏:‏ أنْ تَصْرَعَ إنْسانًا فَتَضَعَ يَدَهَ على فَمِه‏.‏

والتَّنَادُسُ‏:‏ التَّنَابُزُ بالألْقاب‏.‏

والتركيب يدل على مِثْلِ النَّزْكِ والطَّعْنِ‏.‏

نرجس

النَّرْجِسُ‏:‏ مذكورٌ في تركيب ر ج س‏.‏

نرس

نَرْسُ -بالفتح-‏:‏ قَريَة مِن سَوَاد العِراق، تُنْسَبُ إلَيْها الثِياب النَّرْسِيَّة‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ النَّرْسُ لا أعْرِفُ لَهُ أصْلٌ في اللُّغَة، إلاّ إنَّ العَرَبَ قد سَمَّت نارِسَة، قال‏:‏ ولم أسْمَع فيه شَيْئًا من عُلَمائِنا، ولا أحْسِبُه عَرَبيًّا مَحْضًا‏.‏

وقال ابن فارِس‏:‏ النون والراء لا تَأتَلِفانِ؛ وقد يكون بينَهما دَخيل‏.‏

والنِّرْسِيَانُ‏:‏ ضَرْبٌ من التَّمْر، وهو أجوَد ما يَكون بالكوفَة، وليسَ بِعَرَبيٍّ مَحْضٍ، وأهل العِراق يَضْرِبونَ الزُّبْدَ بالنِّرْسِيَانِ مَثَلًا لِمَا يُسْتَطَابُ، الواحِدَة‏:‏ نِرْسِيَانَة‏.‏

نسس

النَّسُّ‏:‏ السَّوْقُ، يقال‏:‏ نَسَسْتَ النّاقَةَ أنُسُّها نَسًّا‏:‏ أي زَجَرْتُها، ومنه‏:‏ المِنَسَّة للعّصا‏.‏ وفي حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «أنَّه كانَ يَنُسُّ أصْحابَهُ?»؛ أي يَسُوْقُهُم، يَمْشِي خَلْفَهُم ويُقَدِّمُهم، وقد كُتِبَ الحديث بتَمامِه في تركيب س ر ب‏.‏ وفي حديث عمر -رضي الله عنه-‏:‏ أنَّه كانَ يَنُسُّ الناسَ بالدِّرَّةِ بَعْدَ صلاةِ العِشَاء ويقول‏:‏ انْصَرِفُوا إلى بُيُوتِكم‏.‏

وفي حديث مجاهد‏:‏ من أسماء مكَّة بكَّة، وهي أُمَّ رُحمٍ، وهي أمُّ القُرى، وهي كُوثى، وهي النّاسَّة -ويروى‏:‏ الباسَّة-، لأنَّ من بغى فيها أو أحْدَثَ حَدَثًا أٌخْرِجَ عنها فكأنَّها ساقَتْه‏.‏ قال رؤبة يصف العفائف‏:‏

وتَحْصِبُ اللاّعِنَةُ الجاسوسا *** بعِشْرِ أيديهِنَّ والضُّغْبوسا

حَصْبً الغُوَاةِ والعَوْمَجَ المَنْسوسا ***

والنَّسُّ‏:‏ اليُبْسُ، يقال‏:‏ نَسَّ يَنُسُّ ويَنِسُّ نُسُوْسًا ونَسًَّا‏:‏ أي يَبِسَ‏.‏

وقيل سُمِّيَت مكَّة ناسَّة لِقِلَّةِ الماء بها إذْ ذاك، قال أبو حِزامٍ غالبُ بن الحارِث العُكْليّ‏:‏

نَسَّ آلي فَهَادَ هِنْدًا نُسُوْسا *** واسْتَشَاطَ القَذَالُ مِنّي خَلِيْسًا

ويقال‏:‏ جاءنا بخُبْزَةٍ ناسَّة، قال العجّاج‏:‏

ومَهْمَهٍ يُمْسي قَطَاهُ نُسَّسًَا *** رَوابِعًا وبَعْدَ رِبْعٍ خُمَّسا

ويروى‏:‏ وبَلَدٍ‏.‏ أي يابِسَةٍ من العَطَش‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ نَسَّتِ الجُمَّةُ‏:‏ إذا تَشَعَّثَتْ‏.‏

والنَّسِيْسَة‏:‏ الإيكال بين الناس، قالَها ابن السكِّيت‏.‏

والنَّسِيْسَة‏:‏ البَلَلْ الذي يكون بِرأس العُوْدِ إذا أُوْقِدَ‏.‏

والنَّسِيْسَة‏:‏ الطبيعة‏.‏

والنَّسِيْسُ‏:‏ الجوعُ الشديدُ‏.‏

وقال الليث‏:‏ النَّسِيْسُ‏:‏ غايَة جُهد الإنسان‏.‏

والنَّسِيْسُ‏:‏ بَقِيَّةُ الروح، قال أبو زُبَيْد حرملة بن المنذر الطائيّ يصف أسَدًا شَبَّهَ نَفْسَه به‏:‏

ولكِنّي ضُبَارِمَةٌ جَمُوْحٌ *** على العداءِ مُجْتَرِئٌ خَبُوْسُ

إذا ضَمَّتْ يَداهُ إليه قِرْنا *** فقد أودى إذا بُلِغَ النَّسِيْسُ

ويروى‏:‏ ‏"‏مَتى تَضْمُمْ‏"‏، وقيل المُراد من النَّسِيْسِ هاهُنا‏:‏ الأخْذُ بالنَّفَسِ، ويقال‏:‏ عِرْقانِ في اللَّحْمِ يَسْقِيانِ المُخَّ‏.‏

ويقال‏:‏ بُلِغَ من الرَّجُل نَسِيسُه ونَسِيسَتُه‏:‏ إذا كادَ يموت‏.‏

واخْتُلِفَ في معنى قولِ الكُمَيْت‏:‏

ولكِنَّ مِنّي بِرَّ النَّسِيْسِ *** أحُوْطُ الحَرِيْمَ وأحمي الذِّمارا

فقال الليث‏:‏ أرادَ لا أزال بارًّا بهم ما بَقِيَ فِيَّ نَسِيْسٌ‏.‏ وقال غيره‏:‏ أراد بالنَّسِيْسِ الخَليقَة والطَبِيعَة‏.‏

وقال الليث‏:‏ النَّسُّ‏:‏ لُزُومِ المَضَاءِ في كُلِّ أمْرٍ، ويقال‏:‏ هو سُرعَة المَضَاءِ في كُلِّ أمرٍ، ويقال‏:‏ هو سُرْعَة الذهاب ووُرود الماء خاصَّةً‏.‏ وأنشد قول العجّاج الذي سَبَق‏:‏

ومَهْمَهٍ يُمْسي قَطَاهُ نُسَّسًَا

ويروى‏:‏ وبَلَدٍ‏.‏

والتَّنْسَاس‏:‏ السَّيْر الشَّديد، قال الحُطَيْئَة يهجو الزَّبْرِقان بن بَدْرٍ‏:‏

وقد مَدَحْتُكُمُ عَمْدًا لأُِرْشِدَكُمْ *** كَيْما يَكونَ لكم مَدْحي وإمْرَاسي

وقد نَظَرْتُكُم إيْنَاءَ عاشِيَةٍ *** للخِمْسِ طالَ بها حَوْزي وتَنْساسي

ويروى‏:‏ أعشاءَ صادِرةٍ‏.‏

والنُّسُسُ -بضمَّتَيْن-‏:‏ الأصول الرديئة‏.‏

والنَّسْنَاس والنِّسْنَاس -بالفتح والكَسْر-‏:‏ جِنسُ من الخَلْقِ يَثِبُ أحَدُهُم على رِجْلٍ واحِدَة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أنَّ حَيًَّا من عادٍ عَصَوا رَسُولَهُم، فَمَسَخَهُم الله نَسْنَاسًا، لكُلِّ إنْسانٍ منهم يَدٌ ورِجْلٌ مِنْ شِقٍّ واحِد، يَنْقُزُونَ كما يَنْقُزُ الطائرُ، ويَرْعَوْنَ كما تَرْعى البَهائِمُ‏.‏ ويقال‏:‏ إنَّ أولئك انْقَرَضوا، والذينَ هُم على تِلْكَ الخِلْقَةِ لَيْسُوا من نَسْلِ أولئك، ولكنّهم خَلْقٌ على حِدَةٍ‏.‏

وقال الجاحِظ‏:‏ زَعَمَ بَعْضُهُم أنَّهم ثلاثَةُ أجناس‏:‏ ناس ونسناس ونَسَانِس‏.‏ وعن أبي سعيد الضرير‏:‏ أنَّ النَسَانِس الإناثُ منهم، وأنشد للكُمَيْت‏:‏

فما النّاسُ إلاّ نَحْنُ أمْ ما فَعَالُهَم *** ولو جَمَعوا نَسْنَاسَهُم والنَّسَانِسا

وقيل‏:‏ النَّسَانِسُ‏:‏ السِّفَلُ والأنذال، والنَّسَانِس أرفَعُ قَدرًا من النَّسْناس‏.‏ وقد يكون النَّسْنَاس واحِد النَّسَانِس‏.‏ وفي حديث أبي هُرَيْرَة -رضي الله عنه-‏:‏ ذَهَبَ الناس وبَقِيَ النَّسْناس‏.‏ قال ابن الأعرابيّ‏:‏ هُمْ ياجُوجُ وماجُوجُ‏.‏ وقيل‏:‏ خَلْقٌ على صُوْرَةِ النَّاسٍ، أشْبَهُوهم في شَيْءٍ، وليسوا من بَنِي آدَمَ، وقيل‏:‏ بل هُم مِن بَني آدَم‏.‏

والنَّسْنَاسُ فيما أنْشَدَ ابن الأعرابيّ‏:‏

ولَيْلَةٍ ذاةِ جَهامٍ أطْبَاقْ *** سُوْدٍ نَواحِيها كأثْناءِ الطّاقْ

قَطَعْتُها بذاةِ نَسْنَاسٍ باقْ ***

صَبْرُها وجَهْدُها، يقال‏:‏ ناقةٌ ذاةُ نَسْنَاسٍ‏:‏ أي ذاةُ سيْرٍ باقٍ‏.‏

وقال ابن عبّاد‏:‏ قَرَبٌ نَسْنَاسٌ‏:‏ سريعٌ‏.‏

ويقال‏:‏ قَطَعَ اللهُ نَسْنَاسَ فلانٍ‏:‏ أي نَفَسَهُ وأثَرَه‏.‏

ويقال للفَحْل إذا ضَرَبَ النّاقة على غَيْرِ ضَبَعَةٍ‏:‏ قد أنَسَّها‏.‏

وقال ابن شُمَيل‏:‏ نَسَّسْتُ الصَبِيَّ تَنْسِيْسًا‏:‏ وهو أن تقولَ له‏:‏ إسْ إسْ لِيَبُوْلَ أو يَتَغَوَّطْ‏.‏

وقال أبو عمرو‏:‏ نَسَّسَ البَهِيْمَةَ‏:‏ مَشّاها‏.‏

وجوعٌ نَسْنَاسٌ‏:‏ شديدٌ‏.‏

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ النِّسْنَاس -بالكسر-‏:‏ الجوع الشديد‏.‏

وريحٌ نَسْنَاسَة وسَنْسَانَة‏:‏ بارِدَة‏.‏

ونَسْنَاس من دُخان‏:‏ أي دُخان نار‏.‏

ونَسْنَسَتْ الرِّيحُ وسَنْسَنَتْ‏:‏ إذا هَبَّت هُبوبًا بارِدًا‏.‏

والنَّسْنَسَة -أيضًا-‏:‏ الضَّعْفُ، قال ابن دريد‏:‏ وأحسِبُ أنَّ النَّسْناسَ من هذا‏.‏

ونَسْنَسَ الطائِر‏:‏ إذا أسْرَعَ في طَيَرانِه‏.‏

وقال ابن عبّاد‏:‏ نَسْنَسْتُ لِفُلانٍ دَسِيْسَ خَبَرٍ‏.‏ وتَنَسَّسْتُ منه خَبَرًا‏:‏ أي تَنَسَّمْتُه‏.‏

والتركيب يدل على نَوعٍ مِنَ السَوْق؛ وعلى قِلَّةٍ في الشَّيْءِ ويَخْتَصُّ به الماء‏.‏

نسطس

نِسْطَاسُ -بالكسر-‏:‏ من العلام‏.‏ وعُبَيْد بن نِسْطاس العامِريّ البَكّائيّ الكُوفيّ‏:‏ من أصحاب الحديث‏.‏ وهو العالِم بالطِّبِّ بالرومِيَّة‏.‏

نطس

ابن السكِّيْت‏:‏ رجُلٌ نَطِسٌ ونَطُسٌ ونَطْسٌ -على التَّخْفيف-‏:‏ أي عالِم، وقد نَطِسَ -بالكسر- يَنْطَسُ نَطَسًا‏.‏

والنَّطَاسِيّ والنِّطَاسِيّ -بفتح النون وكَسرِها، عن أبي عُبَيْد- والنِّطِّيْسُ -مثال سِكِّيْت-‏:‏ المُتَطَبِّبُ، قال البَعِيْثُ يصف شَجَّةً‏:‏

إذا قاسَها الآسي النّطاسِيّ أُرْعِشَتْ *** أنامِلُ آسِيْها وجاشَتْ هُزُومُها

وقال رؤبة‏:‏

وقد أكونُ مَرَّةً نِطِّيْسا *** بِخَبْءِ أدْواءِ الصِّبى نِقْرِيسا

وقال ابن عبّاد‏:‏ النَّطِسُ‏:‏ الحريق‏.‏

وقال غيره‏:‏ النّاطِس‏:‏ الجاسوس‏.‏

وامْرأة نَطِسَة‏:‏ إذا كانَت تَنَطَّسُ من الفُحْشِ وتَقَزَّزُ‏.‏ وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ النُّطُسُ -بضمّتين-‏:‏ المُتَقَزِّزون‏.‏

والنُّطُسُ -أيضًا-‏:‏ الأطباء الحُذّاق‏.‏

والنَّطِسُ -مثال كَتِف-‏:‏ المُتَقَزِّز المُتَقَذِّر؛ عن أبي عمرو، يقال‏:‏ أراكَ لَطِسًا من كذا، وهو نُطَسَة -مثال تُؤدَةٍ‏.‏

والتَّنَطُّس‏:‏ التَّقَذُّر، ومنه حديث عمر -رضي الله عنه-‏:‏ أنَّه خَرَجَ مِنَ الخلاء فَدَعا بِطعام، فقيل لَه‏:‏ ألا تَتَوَضَّأُ‏؟‏ فقال‏:‏ لولا التَّنَطُّسُ ما بالَيْتُ ألاّ أغْسِلَ يَدي‏.‏ هو التَّأنُّق في الطَّهَارَة والتَّقَذُّر، يقال‏:‏ تَنَطَّسَ فلان في الكلام‏:‏ إذا تَأنَّقَ فيه، وإنَّه لَيَتَنَطَّسُ في اللِّبْسِ والطُّعْمَةِ‏:‏ أي لا يَلْبَسُ إلاّ حَسَنًا ولا يَطْعَمُ إلاّ نَظيفًا‏.‏

وتَنَطَّسَ عن الأخْبارِ وتَنَدَّسَ عنها‏.‏ تأنَّقَ في الاسْتِخْبارِ، قال العجّاج‏:‏

وقد تَرى بالدّارِ يَومًا أنَسَا *** جَمَّ الدَّخِيْسِ بالثُّغُوْرِ أحْوَسا

ولَهْوَةَ اللاّهي ولو تَنَطِّسا ***

وكُلُّ من أدَقَّ النَّظَرَ في الأمور واسْتَقْصى عِلْمَها‏:‏ فهو مُتَنَطِّسٌ‏.‏

نعس

النُّعاس‏:‏ الوَسَنْ، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أمَنَةً نُعَاسًا‏}‏‏.‏

وفي المَثَل‏:‏ مَطْلٌ كَنُعَاسِ الكَلْبِ‏.‏ إنَّه دائم مُتَّصِل وفيه قَرْمَطَة، ومن شَأْنِ الكَلْبِ أنْ يَفْتَحَ من عَيْنَيْهِ بِقَدْرِ ما يَكْفِيْهِ للحِرَاسَة، وذلك ساعَةً فَسَاعَةً، قال رؤبة‏:‏

إنّي ورَبِّ مَشْرِقٍ وغَرْبٍ *** وحَرَمِ اللهِ وبَيْتِ الحَجْبِ

بِحَيْثُ يَدْعو الطّائفُ المُلَبّي *** لاقَيْتُ أعْجَابا عُجْبي

لاقَيْتُ مَطْلًا كَنُعَاسِ الكَلْبِ *** وعِدَةً عُجْتُ عليها صَحْبي

كالنَّحْلِ من ماءِ الرُّضَابِ العَذْبِ *** حتى خَشِيْتُ أنْ يكونَ رَبّي

يَطْلُبُني من عَمَلي بِذَنْبِ ***

أي لا يأسًا ولا نجازًا‏.‏

وقد نَعَسْتُ -بالفتح- أنْعُسُ -بالضم- نُعَاسًا، قال النابغة الجّعدي رضي الله عنه‏:‏

كأنَّ تَنَسُّمَها مَوْهِنا *** جَنى النَّحْلِ حِيْنَ تُحِسُّ النُّعَاسا

ويروى‏:‏ ‏"‏سَنَا المِسْكِ‏"‏، والتَّنَسُّم‏:‏ التَّنَفُس، سَنا المِسْكِ‏:‏ أي كَمِثْلِ المِسْكِ‏.‏

ونَعَسْتُ نَعْسَةً واحِدَةً، قال أبّاق الدُّبَيْريُّ‏:‏

قد أخَذْتَني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ *** ومَوْهَبٌ مُبْزٍ بها مُصِنُّ

وانا ناعِسٌ‏.‏ قال ثعلَب‏:‏ لا يُقال نَعْسَان‏.‏ وقال الليث‏:‏ وقد سَمِعْناهُم يقولونَ نَعْسان ونَعْسى، حَمَلوا ذلك على وَسْنان ووَسْنى، وقال ابن دريد‏:‏ رَجُلٌ ناعِس ونَعْسَان ولَم يُفَرِّق‏.‏ وقال الفرّاء‏:‏ ولا أشْتَهِيْها يعني هذه اللُّغَة أي نَعْسَان‏.‏

وناقَةٌ نَعوس‏:‏ توصَف بالسَّمَاحَةِ بالدَّرِّ، لأنَّها إذا دَرَّتْ نَعَسَتْ، قال ارّاعي‏:‏

نَعُوْسٌ إذا دَرَّتْ جَرُوْزٌ إذا غَدَتْ *** بُوَيْزِلٌ عامٍ أو سَدِيْسٌ كبازِلِ

والنَّعُوس‏:‏ عَلَمٌ لِناقَةٍ بِعَيْنِها -أيضًا-، قال‏:‏

إنَّ النَّعوسَ بها داءٌ يُخامِرُها ***

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ النَّعْسُ‏:‏ لِيْنُ الرَّأْيِ والجِسْمِ وضَعْفُهُمَا‏.‏

وقال الأزْهَريّ‏:‏ حَقيقَةُ النُّعَاسِ‏:‏ السِّنَةُ من غَيْرِ نَوْمٍ، قال عَدِيُّ بن زَيْد بن مالِك بن عَدِيِّ بن الرِّقاع‏:‏

وكأنَّها وَسْطَ النِّسَاءِ أعارَها *** عَيْنَيْهِ أحْوَرُ من جَآذِرِ جاسِمِ

وَسْنَانُ أقْصَدَهُ النُّعَاسُ فَرَنَّقَتْ *** في عَيْنَيْهِ سِنَةٌ ولَيْسَ بنائمِ

ونَعَسَتِ السُّوْقُ‏:‏ أي كَسَدَتْ‏.‏

وقال أبو عمرو‏:‏ أنْعَسَ الرَّجُلُ‏:‏ إذا جاءَ بِبَنِيْنَ كُسَالى‏.‏

وتَنَاعَسَ‏:‏ أي تَنَاوَمَ‏.‏

والتركيب يدل على الوَسَنِ‏.‏

نفس

النَّفْسُ‏:‏ الرُّوْحُ، يقال‏:‏ خَرَجَتْ نَفْسُه، قال‏:‏

نَجَا سالِمٌ والنَّفْسُ منه بِشِدْقِهِ *** ولم يَنْجُ إلاّ جَفْنَ سَيْفٍ ومِئْزَرا

أي بِجِفْنِ سَيْفٍ وبِمِئْزَرِ‏.‏

والنَّفْسُ -أيضًا-‏:‏ الجَسَدُ، قال أوس بن حَجَر‏:‏

نُبِّئْتُ أنَّ بَني سُحَيْمٍ أدْخَلُوا *** أبْيَاتَهم تامُوْرَ نَفْسِ المُنْذِرِ

والتّامُور‏:‏ الدّم‏.‏

وأمّا قَوْلُهم‏:‏ ثلاثَةُ أَنْفُسٍ فَيُذَكِّرُوْنَه، لأنَّهُم يُرِيْدونَ بِهِ الإنْسَانَ‏.‏

والنَّفْسُ‏:‏ العَيْنُ، يقال‏:‏ أصابَتُ فلان نَفْسٌ‏.‏ ونَفَسْتُكَ بنَفْسٍ‏:‏ أي أصَبْتُكَ بِعَيْنٍ‏.‏ والنّافِس‏:‏ العائنُ‏.‏ وفي حديث محمّد بن سِيْرِين أنَّه قال‏:‏ نُهِيَ عن الرُّقى إلاّ في ثَلاثٍ‏:‏ النَّمْلَةِ والحُمَةِ والنَّفْسِ‏.‏ ومنه حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما-‏:‏ الكِلابُ مِنَ الجِنِّ، فإذا غَشِيَتْكُم عِنْدَ طَعامشكم فألْقُوا لَهُنَّ، فإنَّ لَهُنَّ أنْفُسًا‏.‏ ومنه قول النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- حِيْنَ مَسَحَ بَطْنَ رافِع -رضي الله عنه-‏:‏ فألقى شَحْمَةً خَضْرَاءَ كانَ فيها أنْفُسُ سَبْعَةٍ‏.‏ يَرِيْدُ عَيَوْنَهم‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ظَنَّ المُؤْمِنُونَ والمُؤْمِناتُ بأنْفُسِهم خَيْرًا‏}‏، قال ابن عَرَفَة‏:‏ أي بأهْلِ الإيمان وأهْلِ شَرِيْعَتِهم‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ما خَلْقُكُم ولا بَعْثُكُمُ إلاّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ‏}‏ أي كَخَلْقِ نَفْسٍ واحِدَة، فَتُرِكَ ذِكْرُ الخَلْقِ وأُضِيْفَ إلى النَّفْسِ، وهذا كما قالَ النابِغة الذُبْيَاني‏:‏

وقد خِفْتُ حتى ما تَزِيْدَ مَخافَتي *** على وَعِلٍ في ذي المَطَارَةِ عاقِلِ

أي على مَخَافَةِ وَعِلٍ‏.‏

والنَّفْسُ -أيضًا-‏:‏ العِنْدُ، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏تَعْلَمُ ما في نَفْسي ولا أعْلَمُ ما في نَفْسِكَ‏}‏ أي تَعْلَمُ ما عِندِي ولا أعْلَمُ ما عِنْدَك، وقال ابن الأنباريّ‏:‏ أي تَعْلَمُ ما في نَفْسي ولا أعْلَمُ ما في غَيْبكَ، وقيل‏:‏ تَعْلَمُ حَقيقَتي ولا أعْلَمُ حَقِيْقَتَك‏.‏

ونَفْسُ الشيء‏:‏ عَيْنُه، يُوَكَّدُ به، يقال‏:‏ رأيْتَ فلان نَفْسَه وجاءني بِنَفْسِه‏.‏

والنَّفْسُ -أيضًا-‏:‏ دَبْغَةٍ مِمّا يُدْبَغُ به الأدِيْمُ من القَرَظ وغيرِه، يقال هَبْ لي نَفْسًا من دِباغٍ‏.‏ قال الأصمَعيّ‏:‏ بَعَثَتِ امرأةٌ مِنَ العَرَبِ بِنْتًا لها إلى جارَتِها فقالَت‏:‏ تقولُ لَكِ أُمِّي‏:‏ أعْطِيْني نَفْسًا أو نَفَسَيْنِ أمْعَسُ به مَنِيْئتي فإنّي أفِدَةٌ؛ أي مُسْتَعْجِلَةٌ؛ لا أتَفَرَّغُ لاتِّخاذِ الدِّباغِ من السُّرْعَةِ‏.‏

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ النَّفْسُ‏:‏ العَظَمَة‏.‏ والنَّفْسُ‏:‏ الكِبْرُ‏.‏ والنَّفْسُ‏:‏ العِزَّة‏.‏ والنَّفْسُ‏:‏ الهِمَّة‏.‏ والنَّفْسُ‏:‏ الأنَفَة‏.‏

والنّافِسُ‏:‏ الخامِسُ من سِهَامِ المَيْسَر، ويقال‏:‏ هو الرَّابِع‏.‏

والنَّفَسُ -بالتحريك-‏:‏ واحِدُ الأنْفاسِ، وفي حديث النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «أجِدُ نَفَسَ رَبِّكُم من قِبَلِ اليَمَن»‏.‏ هو مُسْتَعار من نَفَسِ الهَوَاءِ الذي يَرُدُّه المُتَنَفِّسُ إلى جَوْفِهِ فَيُبَرِّد مِن حَرَارَتِه ويُعَدِّلُها، أو مِن نَفَسِ الرِّيح الذي يَتَنَسَّمُه فَيَسْتَرْوِح إليه ويُنَفِّسُ عنه، أو مِن نَفَسِ الرَوْضَةِ وهو طِيْبُ رَوائحِها الذي يَتَشَمَّمْه فَيَتَفَرَّج به، لِمَا أنْعَمَ به رَبُّ العِزَّة مِنَ التَّنْفيسِ والفَرَجِ وإزالَة الكُرْبَة‏.‏ ومنه قولُه -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «لا تَسُبُّوا الرِيْحَ فإنَّها من نَفَسِ الرحمن»‏.‏ يُريدُ بها أنَّها تُفَرِّجُ الكُرَبَ وتَنْشُرُ الغَيْثَ وتُنْشيء السَّحَابَ وتُذْهِبُ الجَدْبَ‏.‏ وقولُه‏:‏ ‏"‏من قِبَلِ اليَمَنِ‏"‏ أرادَ به ما تَيَسَّرَ له من أهل المَدينَة -على ساكِنيها السّلام- من النُّصْرَة والإيْواءِ، ونَفَّسَ اللهُ الكُرَبَ عن المؤمِنينَ بأهْلِها، وهم يَمَانُوْنَ‏.‏

ويقال‏:‏ أنتَ في نَفَسٍ من أمْرِكَ‏:‏ أي في سَعَةٍ‏.‏ واعْمَلْ وأنْتَ في نَفَسٍ من عُمُرِكَ‏:‏ أي في فُسْحَةٍ قَبْلَ الهَرَمِ والمَرَضِ وَنَحوِهما‏.‏ وقال الأزهَريّ‏:‏ النَّفَسُ في هذَين الحَدِيْثَيْنِ‏:‏ اسمٌ وُضِعَ مَوْضِعَ المَصْدَر الحقيقيّ، من نَفَّسَ يُنَفِسُّ تَنْفِيْسًا ونَفَسًا، كما يقال‏:‏ فَرَّجَ يُفَرِّجُ تَفْرِيْجًا وفَرَجًا، كأنَّه قال‏:‏ أجِدُ تَنْفِيْسَ رَبِّكم من قِبَلِ اليَمَنِ، وكذلك قولُه -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «فإنَّها من نَفَسِ الرَّحمن»، أي من تَنْفِيْسِ الله بها عن المَكْرُوْبِيْنَ‏.‏

وقَوْلُه‏:‏

عَيْنَيَّ جُوْدا عَبْرَةً أنْفاسا ***

أي ساعَةً بَعْدَ ساعَةٍ‏.‏

وقال أبو زيد‏:‏ كَتَبْتُ كِتَابًا نَفَسًا‏:‏ أي طَويلًا‏.‏

والنَّفَسُ -أيضًا-‏:‏ الجُرْعَةُ، يقال‏:‏ اكْرَعْ في الإناءِ نَفَسًا أو نَفَسَيْنِ ولا تَزِدْ عليه‏.‏ والشُّرْبُ في ثَلاثَةِ أنْفاسٍ سُنَّة‏.‏ ومثال نَفَسٍ وأنْفاسٍ‏:‏ سَبَبٌ وأسْبابٌ، قال جَرير‏:‏

تُعَلِّلُ وهي ساغِبَةُ بَنِيها *** بأنْفاسٍ مِنَ الشَّبِمِ القَرَاحِ

ويقال‏:‏ شَرَابٌ غَيرُ ذي نَفَسٍ‏:‏ إذا كانَ كَرِيْهَ الطّعْمِ آجِنًا إذا ذاقَه ذائقٌ لم يَتَنَفَّسْ فيه، وإنَّما هي الشَّرْبَةُ الأولى قَدْرُ ما يُمْسِك رَمَقَه ثمَّ لا يَعُودُ له لأجُوْنَتِه، قال الراعي‏:‏

وشَرْبَةٍ من شَرَابِ غَيرِ ذي نَفَسٍ *** في كَوْكَبٍ من نجومِ القَيْظِ وهّاجِ

سَقَيْتَها صادِيًا تَهْوِي مَسامِعَه *** قد ظَنَّ أنْ لَيْسَ من أصْحَابِهِ ناجِ

ويُروى‏:‏ ‏"‏غَيرِ ذي قَنَعٍ‏"‏ أي ذي كَثْرَةٍ؛ أي هِيَ أقَلُّ من أنْ تَشْرَبَ منها ثَمَّ تَتَنَفَّسَ‏.‏

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ شَرَابٌ ذو نَفَسٍ‏:‏ أي فيه سَعَةٌ ورِيٌّ‏.‏

وشَيْءٌ نَفِيْسٌ ومَنْفوسٌ‏:‏ يُتَنَافَسُ فيه ويُرْغَبُ، قال جَرير‏:‏

لو لم تُرِد قَتْلَنا جادَتْ بِمُطَّرَفٍ *** مِمّا يُخالِط حَبَّ القَلْبِ مَنْفُوْسِ

المُطَّرَفُ‏:‏ المُسْتَطْرَفُ‏.‏

ولفلان نَفِيْس‏:‏ أي مال كثير‏.‏ وما يَسُرُّني بهذا الأمْرِ نَفِيْسٌ‏.‏

وهذا أنْفَسُ مالي‏:‏ أي أحَبُّه وأكْرَمُه عندي‏.‏

ونَفِسَ به -بالكسر-‏:‏ أي ضَنَّ به‏.‏

ونَفِسْتُ عليه الشَّيْء نَفَاسَة‏:‏ إذا لم تَرَهُ أهْلًا له‏.‏

ونَفِسْتَ عَلَيَّ بِخَيْرٍ قَليل‏:‏ أي حَسَدْتَ‏.‏ وقال أبو بكر -رضي الله عنه- يومَ سَقِيْفَة بَني ساعِدَة‏:‏ مِنّا الأُمَراءُ ومنكم الوُزَراءُ، والأمرُ بَيْنَنا وبَيْنَكُم كَقَدِّ الإبلمَةِ، فقال الحُبَابُ بن المُنْذِر -رضي الله عنه-‏:‏ أمَا واللهِ لا نَنْفَسُ أنْ يكونَ لكم هذا الأمْرُ، ولكنّا نَكْرَهُ أنْ يَلِيَنا بَعْدَكم قَوْمٌ قَتَلْنا آباءهم وابناءهم‏.‏ قال أبو النَّجْمِ‏:‏

يَرُوْحُ في سِرْبٍ إذا راحَ انْبَهَرْ *** لم يَنْفَسِ اللهُ عَلَيْهِنَّ الصُّوَرْ

أي لم يَبْخَلْ عليهنَّ بتَحْسِيْنِ صُوَرِهِنَّ‏.‏ يقال‏:‏ نَفِسْتُ عليكَ الشَّيْء‏:‏ إذا لم تَطِبْ نَفْسُكَ له به‏.‏ ونَفِسْتُ به عن فلان‏:‏ كقَوْلهم‏:‏ بَخِلْتُ به عليك وعنه، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومَنْ يَبْخَلْ فإنَّما يَبْخَلُ عن نَفْسِه‏}‏‏.‏

ونَفُسَ الشَّيْءُ -بالضم- نَفَاسَةً‏:‏ أي صارَ مَرْغُوبًا فيه‏.‏

والنِّفَاسُ‏:‏ وِلادُ المَرْأةِ، قال أوْس بن حَجَرٍ‏:‏

لنا صَرْخَةٌ ثُمَّ إسْكاتَةٌ *** كما طَرَّقَتْ بِنِفاسٍ بِكِرْ

فإذا وَضَعَتْ فهي نُفَسَاءُ ونَفْسَاءُ -مثال حَسْنَاءَ- ونَفَسَاءُ -بالتحريك-‏.‏ وجمع النُّفَسَاءِ‏:‏ نِفَاسٌ -بالكسر-، وليس في الكلام فُعَلاَءُ يُجْمَعُ على فِعَالٍ غيرِ نُفَسَاءَ وعُشَرَاءَ، وتُجْمَعَانِ -أيضًا- نُفَسَاواتٍ وعُشَراواتٍ‏.‏ وامْرَأَتانِ نُفَسَاوانِ؛ أبْدَلُوا من همزة التَّأنيثِ واوًا‏.‏ وقد نَفِسَت المَرْأَةُ‏؟‏ بالكسر-، ويقال أيضًا‏:‏ نُفِسَت المرأة غُلامًا‏؟‏ على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه-، والوَلَدُ مَنْفُوْسٌ‏.‏ وفي حديث النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «ما مِن نَفْسٍ مَنْفُوْسَة إلاّ وقد كُتِبَ مكانُها من الجَنَّة والنّار»‏.‏ وفي حديث سعيد بن المُسَيَّب‏:‏ «لا يَرِثُ المَنْفوسَ حتى يَسْتَهِلُ صارِخًا»‏.‏ ومنه قولُهم‏:‏ وَرِثَ فلان هذا قَبْلَ أنْ يُنْفَسَ فلان‏:‏ أي قَبْلَ أن يُوْلَدَ‏.‏

ونَفِسَت المَرْأةُ -بالكسر-‏:‏ أي حاضَت، وقال أبو حاتِم‏:‏ ويقال‏:‏ نُفِسَت -على ما لَم يُسَمّ فاعِلُه-‏.‏ ومنه حديث أُمُّ سَلَمَة -رضي الله عنها- أنَّها قالت‏:‏ كُنتُ مع النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- في الفِرَاشِ، فَحِضْتُ فانْسَلَلْتُ، وأخْذْتُ ثِيابَ حِيْضَتي ثُمَّ رَجَعْتُ، فقال‏:‏ أنَفِسْتٍ‏؟‏؛ أي أحِضْتِ‏؟‏‏.‏ وفي حديثٍ آخَرَ‏:‏ «أنَّ أسْماء بِنْت عُمَيْس -رضي الله عنها -نَفِسَتْ بالشَّجَرة، فأمَرَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلّم- أبا بَكْرٍ -رضي الله عنه- أنْ يَأْمُرَها بأنْ تَغْتَسِلَ وتُهِلَّ»‏.‏

ونَفِيْسٌ‏:‏ من الأعْلام‏.‏

وقَصْرُ نَفِيْسٍ‏:‏ على مِيْلَيْنِ من المّدينَة -على ساكنيها السلام-، يُنْسَبُ إلى نَفِيْسٍ بن محمد من مَوالي الأنْصَارِ‏.‏

ولكَ في هذا الأمر نُفْسَةٌ -بالضم-‏:‏ أي مُهْلَةٌ‏.‏

ونَفُوْسَةُ‏:‏ جِبال بالمَغْرِب بَعْدَ إفريقية‏.‏

وأنْفَسَني فلان في كذا‏:‏ أي رَغَّبَني فيه‏.‏ وأنْفَسَه كذا‏:‏ أي أعْجَبَه بنَفْسِه ورَغَّبَه فيها‏.‏ وفي حديث سعيد بن سالِم القَدّاح وذَكَرَ قِصَّة إسماعيل وما كانَ من إبراهيم -صلوات الله عليهما- في شأنِهِ حينَ تَرَكَه بِمَكَّةَ مع أُمِّه، وأنَّ جُرْهُمَ زَوَّجُوه لَمّا شَبَّ، وتَعَلّمَ العَرَبِيّة، وأنْفَسَهُم، ثمَّ إنَّ إبراهيم -صلوات الله عليه- جاءَ يُطالِع تَرْكَتَه‏.‏ ومنه يقال‏:‏ مالٌ مُنْفِسٌ ومُنْفَسٌ أيضًا، قال النَّمِرُ بن تَوْلَبٍ رضي الله عنه‏:‏

لا تَجْزَعي إنْ مُنْفِسًا أهْلَكْتَهُ *** وإذا هَلَكْتُ فَعِنْدَ ذلكَ فاجْزَعي

ويقال‏:‏ ما يَسُرُّني بهذا الأمرِ مُنْفِسٌ‏:‏ أي نَفِيْسٌ‏.‏ ولفلانٍ مُنْفِس‏:‏ أي مالٌ كثيرٌ‏.‏

ونَفَّسْتُ فيه تَنْفِيْسًا‏:‏ أي رَفَّهْتُ، يقال‏:‏ نَفَّسَ الهُ عنه كُرْبَتَه‏:‏ أي فَرَّجَها، قال رؤبة‏:‏

ذاكَ وأشْفي الكَلِبَ المَسْلُوْسا *** كَيًّا بِوَسْمِ النّارِ أو تَخْيِيْسا

بِمِخْنَقِ لا يُرْسِلُ التَّنْفِيْسا ***

وفي حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «مَنْ نَفَّسَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً من كُرَبِ الدُنْيا نَفَّسَ اللهُ عنه كُرْبَةً من كُرَبِ يوم القِيامَة»‏.‏

وتَنَفَّسَ الرَّجُل‏.‏ ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن التَّنَفُّسِ في الإناء‏.‏ وفي حديث آخَر‏:‏ «أنَّ النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- كانَ يَتَنَفَّسُ في الإناءِ ثلاثًا‏.‏ والحَديثانِ ثابِتان، والتَّنَفُّس له مَعْنَيَان‏:‏ أحَدُهما أن يَشْرَبَ ويَتَنَفَّسَ في الإناء من غيرِ أن يُبِيْنَه عن فيه؛ وهو مَكروه؛ والتَّنَفُّس الآخَر أن يَشْرَب الماءَ وغيره مِنَ الإناء بثلاثَةِ أنْفاسٍ فَيُبِيْنَ فاهُ عن الإناءِ في كُلِّ نَفَسٍ»‏.‏

وتَنَفَّسَ الصُّبْحُ‏:‏ إذا تَبَلَّجَ، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏والصُّبْحِ إذا تَنَفَسَّ‏}‏، قال العجّاج يَصِفُ ثورًا‏:‏

حتى إذا ما صُبْحُهُ تَنَفَّسا *** غَدا يُباري خَرَصًا واسْتَأْنَسا

وتَنَفَّسَتِ القَوْسُ‏:‏ تَصَدَّعَت‏.‏

ويقال للنَهارِ إذا زادَ‏:‏ تَنَفَّسَ، وكذلك المَوجُ إذا نضخ الماءَ‏.‏

وتَنَفَّسَتْ دِجْلَةُ‏:‏ إذا زادَ ماؤها‏.‏

ونافَسْتُ في شَيْءٍ‏:‏ إذا رَغِبْتَ فيه على وَجْهِ المُباراةِ في الكَرَم‏.‏

وتَنَافَسوا فيه‏:‏ أي رَغِبوا فيه، ومنه قوله تعالى‏:‏‏{‏وفي ذلك فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنافِسُونَ‏}‏‏.‏

والتركيب يدل على خُروج النَّسِيم كيفَ كانَ من ريحٍ أو غَيْرِها، وإلَيْهِ تَرْجِعُ فُرُوعُه‏.‏

نقرس

النِّقْرِس‏:‏ داءٌ يأخُذُ في الأرجُلِ والمَفاصِل‏.‏

والنِّقْرِس- أيضًا‏:‏ الهَلاكُ والدّاهِيَة العَظيمَة، قال المُتَلَمِّسُ يُخاطِبْ طَرْفَة بن العَبْدِ‏:‏

ألْقِ الصَّحِيْفَةَ لا أبا لكَ إنَّهُ *** يُخْشى عليكَ من الحِبَاءِ النِّقْرِسُ

أي مِنَ الحِبَاءِ الذي كَتَبَ له به عمرو بن هِنْد‏.‏

والنِّقْرِس -أيضًا-‏:‏ الحاذِقُ‏.‏ ودليل نِقْرِس ونِقْرِيْس‏:‏ إذا كان هادِيًا خِرِّيْتًا‏.‏ وطَبيبٌ نِقْرِس ونِقْرِيْس -أيضًا-‏:‏ إذا كانَ حاذِقًا نَظّارًا في الأُمورِ مُدَقِّقًَا فيها، قال رؤبة‏:‏

وقد أكُونُ مَرَّةً نِطِّيْسا *** بِخَبْءِ أدْوَاءِ الصِّبى نِقْرِيْسا

وقال الليث‏:‏ النِّقْرِس‏:‏ شيء يُتَّخَذ على صَنْعَةِ الوَرْدِ تَغْرِزُهُ المرأةُ في رَأْسِها، وأنشد‏:‏

فَحُلِّيْتِ مِن خَزٍّ وقَزٍّ وقِرْمِزٍ *** ومِن صَنْعَةِ الدُّنْيا عليكِ النَّقَارِسُ

القِرمِز‏:‏ صِبْغٌ أرْمَنيٌّ أحْمَرُ يقال إنَّه من عُصَارَةِ دُوْدٍ يكونُ في آجامِهم‏.‏

نقس

النّاقوس‏:‏ الذي تَضْرِب بِهِ النَّصارى لأوْقاتِ صَلَواتِهِم؛ وهو الخَشَبَة الكبيرة الطَوِيْلَة، والوَبيل‏:‏ الخَشَبَة القصيرة، قال جَرير‏:‏

لَمّا تَذَكَّرْتُ بالدَّيْرَيْنِ أرَّقَني *** صَوْتُ الدَّجاجِ وقَرْعٌ بالنَّواقِيْسِ

وقال آخَر‏:‏

صَوْتُ النَّواقِيْسِ بالأسْحارِ هَيَّجَني *** بَلِ الدُّيُوْكُ التي قد هِجْنَ تَشْوِيْقي

وقال المُتَلَمِّس‏:‏

حَنَّتْ قَلُوْصي بها واللَّيْلُ مُطَّرِقٌ *** بَعْدَ الهُدُوءِ وشاقَتها النَّواقِيْسُ

وقال رؤبة يمدح أبانَ بن الوليد البَجَليّ‏:‏

دَعَوْتُ رَبَّ العِزَّةِ القُدُّوسا *** دُعَاءَ مَنْ لا يَقْرَعُ النّاقوسا

حتى أراني وَجْهَكَ المَرْغوسا ***

والنَّقْس‏:‏ ضَرْبُ النّاقوس، يقال‏:‏ نَقَسَ بالوَبِيْلِ النّاقوسَ‏.‏ وقال ابن أبي لَيلى‏:‏ حَدَّثَنا أصحاب محمّد -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «أنَّه كان الرَّجُل يَقوم فيقول‏:‏ الصَّلاةَ؛ فَيُصَلِّي مَنْ كان مع النبيّ‏؟‏ صلى الله عليه وسلّم-؛ ولا يَسْمَع مَنْ لَم يَكُن مَعَه، قالوا‏:‏ لو أقَمْنا رَجُلًا فَنادى؛ حتى نَقَسُوا أو كادوا يَنْقُسُونَ، فَأُرِيَ عبد الله بن زَيد -رضي الله عنه- الأذانَ‏.‏

والنَّقْس -أيضًا-‏:‏ مثل اللَّقْس؛ وهو أن يَعِيبَ القَوْمَ ويَسْخَرَ منهم ويُلَقِّبْهُم الألقابَ، يقال منه‏:‏ نَقَسْتُ الرَّجُلَ‏:‏ إذا لَقَّبْتَه، والاسم‏:‏ النِّقَاسَةُ‏.‏

وقال الليث‏:‏ النَّاقِس‏:‏ الشيء الحامِض، قال النابغة الجَعْدي -رضي الله عنه- يصف خَمْرًا‏:‏

رُدَّت إلى أكْلَفِ المَنَاكِبِ مَرْ *** سومٍ مُقِيْمٍ في الطِّيْنِ مُحْتَدِمِ

جَوْنٍ كَجَوْزِ الحِمَارِ جَرَّدَهُ ال *** خَرّاسُ لا ناقِسٍ ولا هَزِمِ

وقال الأصمعيّ النَّقْسُ والوَقْسُ‏:‏ الجَرَبُ‏.‏

والنِّقْسُ -بالكسر-‏:‏ الذي يُكْتَب به، ويُجْمَع على أنْقُس وأنْقاس، قال المَرّار بن سعيد الفَقْعَسيّ‏:‏

عَفَتِ المَنازِلُ غَيْرَ مِثْلِ الأنْقُسِ *** بَعْدَ الزَّمانِ عَرَفْتُهُ بالقَرْطَسِ

وقال ابن دريد‏:‏ النَّقْس الذي تُسَمِّيه العامّة المِدَادَ‏:‏ عربيٌّ معروفٌ، وأنشد‏:‏

مُجَاجَةُ نِقْسٍ في أدِيمٍ مُمَجْمَجِ

وقال غيره‏:‏ الأنْقَسُ‏:‏ ابن الأمَةِ‏.‏

ونَقَّسَ أدَوَاتَه تَنْقِيْسًا‏:‏ جعل فيها النِّقْسَ‏.‏

والتركيب يدل على لَطْخِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ غَيْرِ حَسَنٍ‏.‏

نكس

نَكَسْتُ الشَّيْءَ أنْكُسُه نَكْسًا‏:‏ قَلَبْتُه على رأسِه‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ نُكِسُوا على رُؤوسِهم‏}‏، قال الفرّاء‏:‏ أي رَجَعُوا عَمّا عَرَفُوا مِن الحُجَّة لإبْراهِيمَ -صلوات الله عليه-، وقال الأزهري‏:‏ أي ضَلُّوا‏.‏ وأنشد الليث في وَصْفِ الزِّقِّ‏:‏

إذا نُكِسَتْ صارَ القَوائمُ تَحْتَها *** وإنْ نُصِبَتْ شالَتْ عليها القَوائمُ

وقرَأ غَيرُ عاصِمٍ وحَمْزَةَ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومَنْ نُعَمِّرْهُ نَنْكُسْه‏}‏ -بفتح النون وتخفيف الكاف-، أي مَنْ أطَلْنا عُمُرَه نَكَسْنَا خَلْقَه، فَصَارَ بَعْدَ القوَّةِ الضَّعْفُ وبَعْدَ الشَّبابِ الهَرَمُ‏.‏

وفي حديث عَليٍّ -رضي الله عنه-‏:‏ إذا كانَ القَلْبُ لا يَعْرِفُ مَعروفًا ولا يُنْكِرُ مُنْكَرًا نُكِسَ فَجُعِلَ أعلاه أسْفَلَه‏.‏

وفي حديث ابن مسعود- رضي الله عنه-‏:‏ أنّه قيل له‏:‏ إنَّ فُلانًا يَقْرَأُ القُرآنَ مَنْكوسًا، فقال‏:‏ ذاكَ مَنْكوس القَلْب‏.‏ قال أبو عُبَيد‏:‏ يَتَأوَّلُه كثيرًا من النَّاسِ أنَّه يَبْدأ من آخِرِ السَّورَة فَيَقْرَأها إلى أوَّلِها، وهذا شَيْءٌ ما أحْسِبُ أحَدًا يُطِيْقُه، ولا كانَ هذا في زَمَنِ عبد الله ولا عَرَفَة‏.‏ ولكن وَجْهُهُ عِنْدي أن يَبْدَأَ الرَّجُل من آخِر القُرآن من المُعَوِّذَتَيْنِ ثمَّ يَرْتَفِع إلى البَقَرة؛ كَنَحْوِ ما يَتَعَلّم الصِّبيانُ في الكُتّاب، لأنَّ السُّنَّة خِلافُ هذا، يُعْلَمُ ذلك بالحديث الذي يُحَدِّثُه عثمان‏؟‏ رضي الله عنه- عن النبي ّ-صلى الله عليه وسلّم- أنَّه كانَ إذا أُنْزِلَت عليه السورة أو الآيَة قال‏:‏ ضَعوها في المَوْضِع الذي يُذْكَرُ فيه كذا كذا‏.‏ ألا تَرى أنَّ التَّأْلِيْفَ الآنَ في هذا الحديث من رَسول الله‏؟‏ صلى الله عليه وسلّم-، ثمَّ كُتِبَت المَصَاحِفُ على هذا‏.‏ ومِمّا يُبَيِّنُ ذلك لك أنَّه ضمَّ بَراءَةَ إلى الأنفالِ فجعلها بعدها وهي أطوَل، وإنَّما ذلك للتأليف، فكانَ أوَّلُ القُرآن فاتِحَةُ الكِتاب ثمَّ البقرة إلى آخِرِ القُرآن، فَكَيْفَ تُسَمّى فاتِحَتُه وقد جُعِلَت خاتِمَتَه‏.‏ وقد رُوِيَ عن الحَسَن وابن سيرين من الكَرَاهَةِ فيما هوَ دون هذا‏:‏ أنَّهما كانا يَقْرَئانِ القُرآنَ من أوَّلِهِ إلى آخِرِه ويَكْرَهانِ الأورادَ، وقال ابن سيرين‏:‏ تأليف اللهِ خيرٌ من تَأليفِكم‏.‏ وتأويل الأوراد أنَّهم كانوا أحْدَثوا أنْ جَعَلوا القُرآنَ أجزاءً؛ كُلُّ جُزْءٍ منها فيه سُوَرٌ مختَلِفَة من القُرآنِ على غَيْرِ التأليف، جَعَلوا السورة الطويلة مع أُخرى دونَها في الطول، ثمَّ يَزيدونَ كذلك حتى يَتِمَّ الجُزْء، ولا تكون فيه سورة مُنْقَطِعَة، ولكن يكون كُلُّها سُوَرًا تامّة، فهذه الأوراد التي كَرِهَهَا الحَسَن ومحمد‏.‏ والنَّكْسُ أكْثَرُ من هذا وأشَدُّ، وإنَّما جاءت الرُّخْصَة في تَعَلُّمِ الصَّبِيِّ والعَجَمِيِّ من المُفَصَّلِ لِصُعُوبَةِ السُّوَرِ الطِّوالِ عَلَيْهِما، فهذا عُذْرٌ، فأمّا مَن قد قَرَأَ القُرآنَ وحَفِظَه ثمَّ تَعَمَّدَ أنْ يَقْرَأَ من آخِرِه إلى أوَّلِه فهذا النَّكْسُ المَنْهِيُّ عنه، وإذا كَرْهْنا هذا فَنَحْنُ للنَّكْسِ من آخِرِ الصُّورة إلى أوَّلِها أشَدُّ كَرَاهَةً إن كانَ ذلك يكون‏.‏ هذا كُلُّهُ كَلامُ أبي عُبَيْد رَحْمَةُ الله عليه‏.‏

والوِلاد المَنْكوس‏:‏ الذي تَخْرُجُ رِجْلاهُ قَبْلَ رأسِهِ، وهو اليَتْنُ‏.‏

والمَنكوس من أشكال الرّمل‏:‏ ثلاثَةُ أزواج مُتَوالِيَة يَتْلوها فَرْدٌ، وبعضهم يُسَمِّيْه الإنْكيس‏.‏

والنُّكْسُ والنُّكَاسُ -بالضم فيهما-‏:‏ عَوْدُ المَرَضِ بَعْدَ النَّقَهِ، قال أُمَيَّة بن أبي عائذٍ الهُذَليّ‏:‏

خَيالٌ لِزَيْنَبَ قد هاجَ لي *** نُكَاسًا مِنَ الحُبِّ بعدَ انْدِمالِ

وقد نُكِسَ الرَّجُلُ نُكْسًا فهو مَنْكوس‏.‏ يقال‏:‏ تَعْسًا له ونُكْسًا، وقد يُفْتَح هاهنا للازْدِواجِ‏.‏

والناكِسُ‏:‏ المُطَأْطِئُ رَأسَه، وجُمِعَ في الشَّعْرِ على نَواكِسَ، وهو شاذٌّ، قال الفَرَزْدَق يمدح يَزيد بن المُهَلَّب‏:‏

وإذا الرِجالُ رَأوْا يَزِيْدَ رَأيْتَهم *** خُضُعَ الرِّقابِ نَواكِسَ الأبْصارِ

ويروى‏:‏ مُنَكِّسِي الأبْصارِ‏.‏

ونَكَسَ كذا داءَ المَريْضِ بَعْدَ البُرْءِ‏:‏ أي رَدَّهُ وأعادَهُ، قال ذو الرمَّةِ‏:‏

إذا قُلْتُ أسْلو عَنْكِ يا مَيُّ لم يَزَل *** مَحَلٌّ لِدائي مِن دِيارِكِ ناكِسُ

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ النُّكُسُ -بضمتين-‏:‏ المُدْرَهِمُّونَ من الشُيُوخِ بعْدَ الهَرَمِ‏.‏

والنِّكْسُ -بالكسر-‏:‏ السَّهْمُ الذي يَنْكَسِرُ فَوْقَهُ فَيَجْعَل أعلاه أسْفَلَه، قال الحُطَيْئَة يهجو الزّبْرَقان بن بَدر‏:‏

قد ناضَلُوكَ فَسَلُّوا من كناسهم *** مَجْدًا تَليدًا ونَبْلًا غَيرَ أنْكاسِ

وقال أبو عمرو‏:‏ النِّكْسُ من القِسِيِّ‏:‏ التي تُحَوِّلُ يَدُها رِجْلَها‏.‏ وقال الأصمعيّ‏:‏ هي المَنكوسَة من القِسِيِّ وهي عَيْب؛ وهو أن تكونَ رِجْلُ القَوْسِ رَأْسَ الغُصْنِ‏.‏

والنِّكْسُ -أيضًا-‏:‏ الضَّعيفُ‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ النِّكْسُ‏:‏ النَّصْلُ الذي يَنْكَسِر سِنْخُه فَتُجْعَلُ ظُبَتُه سِنْخًا فلا يَزَالُ ضَعيفًا، ثُمَّ كَثُرَ ذلك في كلامِهِم حتى سمُّوا كُلَّ ضَعيفٍ نِكْسًا‏.‏ قال‏:‏ وقال قومٌ‏:‏ النِّكْسُ اليَتْنُ، ولَيْسَ بثَبَتٍ‏.‏

قال‏:‏ والنِّكْسُ من القَوْمِ‏:‏ المُقَصِّرُ عن غايَةِ النَّجْدَةِ والكَرَمِ، وأنشد إبراهيم الحَرْبيُّ رحمه الله‏:‏

رَأْسُ قِوَامِ الدِّيْنِ وابن رَأْسِ *** وخَضِلُ الكَفَّيْنِ غَيْرُ نِكْسِ

والجمع‏:‏ أنكاس، قال كَعْب بن زُهَيْرٍ -رضي الله عنه- يَمْدَحُ صَحَابَةَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلّم، ورضي عنهم-‏:‏

زالُوا فَما زالَ أنْكاسٌ ولا كُشُفُ *** عِنْدَ اللِّقاءِ ولا مِيْلٌ مَعَازِيْلُ

ونَكَّسْتُه تَنْكيسًا‏:‏ مِثل نَكَسْتُه نَكْسًا، والتَّشْديد للمُبالَغة‏.‏ وقَرَأَ عاصِمٌ وحَمْزَة‏:‏ ‏{‏ومَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْه‏}‏ بالتشديد‏.‏

والمُنَكِّسُ من الخَيْل‏:‏ الذي لا يَسمو برأسِه‏.‏ وقال ابن فارِس‏:‏ هو الذي إذا جَرى لا يَسْمو بِهادِيْه ولا بِرَأْسِه من ضَعْفِه‏.‏

وقال الليث‏:‏ إذا لَم يَلْحَقِ الفَرَسُ بالخَيل قيل‏:‏ قد نَكَّسَ، وأنشد‏:‏

إذا نَكَّسَ الكاذِبُ المِحْمَرُ

وقال رؤبة‏:‏

آمَرْتَ نَفْسًا تَكْرُمُ النُّفُوسا *** لَيْسَت لِخَبٍّ يَرْهَبُ التَّفْلِيْسا

ولا لِنِكْسٍ يَعْمُرُ التَّنْكِيْسا ***

وانْتَكَسَ الرَّجُلُ‏:‏ وَقَعَ على رأسِهِ، ومنه حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «تَعَسَ وانْتَكَسَ؛ وإذا شِيْكَ فلا انْتَقَشَ‏.‏ وقد ذُكِرَ الحديث بتمامِهِ في تركيب ت ع س‏.‏

والتركيب يدل على القَلْب‏.‏

نمس

نامُوْسُ الرَّجُل‏:‏ صاحِبُ سِرِّه الذي يُطلعُه على باطِنِ أمْرِه ويَخُصُّه بما يَسْتُرُه عن غَيْرِه‏.‏

وأهل الكِتاب يُسَمُّونَ جَبْرَئيلَ -صلوات الله عليه- النّامُوسُ الأكبَر‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أنَّ وَرَقَة بن نَوْفَل قال لِخَديجَة -رضي الله عنها- لَمّا قَصّت عليه مُلاقاةَ جَبْرَئيلَ -صلوات الله عليه- رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وغَطَّه إيّاه‏:‏ لئنْ كانَ ما تَقولِيْنَ حَقًّا إنَّه لَيَأْتِيَه النّامُوْسُ الذي كانَ يأتي موسى -صلوات الله عليه-‏.‏ وكان ابن عَم خَدِيْجَةَ -رضيَ الله عنها، وكانَ نَصْرانِيًّا وقد قَرَأَ الكُتُبَ‏.‏

والنامُوْس -أيضًا-‏:‏ الحاذِق‏.‏

والنامُوْس‏:‏ الذي يَلْطُفُ مَدْخَلُه، قالَه الأصمَعيّ، قال رؤبة‏:‏

لا تُمْكِنُ الخَنّاعَةُ النّاموسا *** وتَحْصِبُ اللَّعّابَةَ الجاسُوسا

بِعَشْرِ أيْديهِنَّ والضُّغْبُوسا *** حَصْبَ الغُواةِ العَوْمَجَ المَنْسُوسا

والنامُوْس -أيضًا-‏:‏ قَتْرَةُ الصائد، قال مُتَمِّمُ بن نُوَيْرَة اليَرْبُوعيّ رضي الله عنه‏:‏

لاقى على جَنْبِ الشَّرِيْعَةِ لاطِئًا *** صَفْوَانَ في نامُوسِهِ يَتَطَلَّعُ

ويُروى‏:‏ كارِزًا‏.‏

والنامُوْسَة‏:‏ عِرِّيْسَةُ الأسَدِ، ومنه قول عمرو بن مَعْدي كَرِب -رضي الله عنه-‏:‏ أسَدُ في ناموسَتِه‏.‏ وقد كُتِبَ الحَديثُ بتَمامِه في تركيب ت م ر‏.‏

والنامُوْس والنَمّاس‏:‏ النَّمّام‏.‏

والنامُوْس‏:‏ الشَّرَك، لأنَّه يُوارى تحت الأرض‏.‏

ونَمَسْتُ السِّرَّ أنْمِسُه -بالكسر- نَمْسًا‏:‏ كتَمتُه‏.‏

والنامُوْس -أيضًا-‏:‏ ما تَنَمَّسَ به الرِجال مِنَ الاحْتِيال‏.‏

والنِّمْس -بالكسر-‏:‏ دُوَيْبَة عَريضَة كأنَّها قِطْعَةُ قَديدٍ، تكون بأرْضِ مِصْرَ، تَقْتُلُ الثُّعْبانَ‏.‏

والنَّمَسُ -بالتحريك-‏:‏ فَسَاد السَّمْنِ، وقد نَمِسَ -بالكسر-‏:‏ أي فَسَدَ‏.‏

والأنْمَسُ‏:‏ الأكْدَرُ، ومنه يقال للقَطا‏:‏ نُمْسٌ- بالضم-؛ لِلَوْنِها، ورَوى أبو سعيد قولَ حَميد بن ثَور رضي الله عنه‏:‏

كَنَعائِمِ الصَّحْراءِ في داوِيَّةٍ *** يَمْحَصْنَها كَنَواهِقِ النُّمْسِ

بِضَمِّ النون، وفَسَّرَها بالقَطا، ورَواه غيرُه‏:‏ بالنِّمْسِ -بالكسر- وقال‏:‏ هو دُوَيْبَة كالدَّلَقِ؛ أسْوَدُ الجِلْدِ؛ يُشْبِهُ السَّمُّوْرَ‏.‏ وقيل جَمْعُ النِّمْسِ- بالكسر-‏:‏ نُمْسٌ بالضَّمِّ‏.‏

وقال ابن الأعرابيّ‏:‏ أنْمَسَ بَيْنَهُم‏:‏ أي أرَشَّ، وأنشد‏:‏

وما كُنْتُ ذا نَيْرَبٍ فيهم *** ولا مُنْمِسًا بَيْنَهُم أنْمَلُ

أُؤرِّشُ بَيْنَهُمُ دائبا *** أدِبُّ وذو النُّمْلَةِ المُدْغِلُ

ولكِنَّني رائبٌ صَدْعَهُم *** رَفُوْءٌ لِمَا بَيْنَهُمْ مُسْمِلُ

قال شَمِر‏:‏ نَمَلَ وأنْمَلَ‏:‏ إذا نَمَّ‏.‏ رَفُوْءٌ‏:‏ مُصْلِحٌ‏.‏ وقال يصف الرِّكَابَ‏:‏

يَخْرُجْنَ مِنْ مُلْتَبِسٍ مُلَبَّسٍ *** تَنْمِيْسَ نامُوسِ القَطا المُنَمِّسِ

يقول‏:‏ يَخْرُجْنَ من بَلَدٍ مُشْتَبِهِ الأعلامِ يَشْتَبِهُ على مَنْ يَسْلُكُه كما يَشْتَبِهُ على القَطا أمرُ الشَّرَكِ الذي يُنْصَب له‏.‏

والتَّنْمِيْس‏:‏ التَّلْبيس‏.‏

ونامَسْتُ الرَّجُلَ سارَرْتُه، قال الكُمَيْت‏:‏

فأبْلِغ يَزِيْدَ إنْ عَرَضْتَ ومُنْذِرًا *** وعَمَّهُما والمُسْتَسِرَّ المُنامِسا

فَضُمُّوا لنا الحِيْتانَ والضَّبَّ إنَّما *** تَهِيْجَونَ أُسْدَ الغابَتَيْنِ النوابسا

يَزيد‏:‏ هو يَزيد بن خالد بن عبد الله، ومُنْذِر‏:‏ هو مُنْذِر بن أسَدِ بن عبد الله، وعمُّهُما‏:‏ هو إسماعيل بن عبد الله أخو خالِد، والمُسْتَسِرَّ المُنامِس‏:‏ هو خالِد بن عبد الله‏.‏

والمُنامِس‏:‏ الدّاخِل في الناموس وهو قُتْرَة الصّائِد‏.‏

وانَّمَسَ الرَّجُل‏:‏ أي اسْتَتَرَ، وهو انْفَعَلَ‏.‏

والتركيب يدل على سَترِ شَيْءٍ؛ وعلى لونٍ من الألوان؛ وعلى فَسادِ شَيْءٍ مِنَ الأشياء‏.‏

نوس

النَّوْسُ والنَّوَسان‏:‏ تَذَبْذُب الشَّيْء، وقد ناسَ يَنوس‏.‏

وذو نُوَاسٍ‏:‏ من أذْواءِ اليَمَن، واسمه زُرْعَة بن حَسّان، وهو ذو مُعَاهِرٍ تُبَّعٌ، وسُمِّيَ ذا نُوَاسٍ لِذُؤابَةٍ كانتْ تَنوسُ على ظَهْرِه‏.‏

وأبو نُوَاسٍ‏:‏ الحَسَن بن هانئ الشاعِر المَعروف‏.‏

وقال الدِّيْنَوَرِيّ‏:‏ النُّوَاسِيّ‏:‏ عِنَبٌ أبيَ عَظيم العناقيد مُدَحْرَج الحَبِّ كثير الماء حُلوٌ جَيِّد الزَّبِيْب، يَنْبُتُ بالسَّرَاةِ، وقد يَنْبُتُ بغَيْرِها‏.‏

والنَّوَاسُ -بالفتح والتَّشْديد-‏:‏ هو النَّوّاس بن سِمْعان -رضي الله عنه-، له صحبة‏.‏

ورجُلٌ نَوّاس‏:‏ إذا اضْطَرَبَ واسْتَرْخى‏.‏

والنّاسُ‏:‏ قد يكون مِنَ الإنْسِ ومِنَ الجِنِّ، وأصلُهُ أُناسٌ فَخُفِّفَ، ولم يَجْعَلوا الألِفَ واللام فيه عِوَضًا من الهمزة المَحذوفَة، لأنَّه لو كانَ كذلك لَمَا اجْتَمَعَ مَعَ المُعَوَّضِ منه في قَوْلِ ذي جَدَنٍ الحِمْيَرِيّ‏:‏

إنَّ المَنَايا يَطَّلِعُ *** نَ على الأُناسِ الآمِنِيْنا

فَيَدَعْنَهُم شَتّى وقد *** كانُوا جَمِيْعًا وافِرِيْنا

والنّاسُ‏:‏ اسمُ قَيْسِ عَيْلان، وهو النّاس بن مُضَر بن نِزار بن مَعَدِّ بن عدنان‏.‏ قال ابن الكَلْبيّ‏:‏ عَيْلانُ عَبْدٌ لِمُضَرَ، فَحَضَنَ النّاسَ فَغَلَبَ عليه ونُسِبَ إلَيْه‏.‏

وأصلُ النَّوْسِ‏:‏ المَيَلان‏.‏

ونُسْتُ الإبل‏:‏ سُقْتُها‏.‏

وقال ابن عبّاد‏:‏ النَّوَاس‏:‏ ما يَتَعَلّق من السَّقْفِ‏.‏

وأناسَ الشَّيْء‏:‏ حَرَّكَه، ومنه حديث أُمُّ زَرْعٍ‏:‏ أنَاسَ من حُلِيٍّ أُذُنَيَّ‏.‏ أرادَت أنَّه حَلّى أُذُنَيْها قِرَطَةً وشُنُوفًا تَنُوْسُ فيهما، وقد كُتِبَ الحَديثُ بِتَمامِه في تركيب ز ر ن ب‏.‏

وقال ابن عَبّاد‏:‏ نَوَّسَ بالمَكان‏:‏ أقامَ به‏.‏

والمُنَوِّسُ من التَّمْرِ‏:‏ الذي يَسْوَدُّ طَرَفُه‏.‏

والتركيب يدل على اضْطِرابٍ وتَذَبْذُبٍ‏.‏

نهس

نَهْسُ اللَّحْمِ‏:‏ أخْذُه بمُقَدَّمِ الأسْنانِ ونَتْرُه، يقال‏:‏ نَهَسْتُ اللَّحْمَ أنْهَسُه نَهْسًا، قال أبو ذُؤيْبٍ الهُذَليُّ يصف ثَوْرًا‏:‏

يَنْهَسْنَهُ ويَذُوْدُهُنَّ ويَحْتَمي *** عَبْلُ الشَّوى بالطُّرَّتَيْنِ مُوَلَّعُ

ويُروى‏:‏ ‏"‏يَنْهَشْنَهُ‏:‏ بالشين المُعْجَمَة، والنَّهْشُ دونَ النَّهْسِ، وهو تَنَاوُلٌ بالفَم، والنَّهْشُ‏:‏ تَناوُلٌ من بَعيدٍ كَنَهْشِ الحَيَّةِ، والنَّهْسُ -غيرَ مُعْجَمَة-‏:‏ القَبْضُ على اللَّحْمِ ونَتْفِه‏.‏ وقال أبو العبّاس‏:‏ النَّهْسُ بأطْرافِ الأسْنانِ، والنَّهْشُ بالأسنانِ والأضْراس‏.‏

قال‏:‏ وسألتُ ابن الأعرابيّ عن صِفَةِ النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «أنَّه كان مَنْهُوْسُ القَدَمَيْن أو مَنْهوشَ القَدَمَيْنِ -بالسين والشين-‏:‏ إذا كان مُفَرَّقَ القَدَمَيْنِ‏.‏

وقال غيرُه‏:‏ المَنْهوس‏:‏ القَليل اللحم من الرِّجال‏.‏

وقال ابن عبّاد‏:‏ يقال أرضُنا كثير المَنَاهِسِ، والمَنْهَسُ‏:‏ المَكانُ الذي يُنْهَسُ منه الشَّيْءُ أي يؤكَلُ‏.‏

والمِنْهَسُ -بكسر الميم- والنَّهُوْسُ والنَّهّاسُ -بالفتح والتّشديد-‏:‏ الأسَدُ‏.‏ وقال ابن خالَوَيه‏:‏ المِنْهَسُ‏:‏ الأسَدُ الذي قَدَرَ على الشَّيْءِ نَهَسَهُ‏:‏ أي عَضَّهُ، وأنشد‏:‏

مُضَبَّرَ اللحيَيْنِ بَسْرًا مِنْهَسا ***

وقال رؤبة‏:‏

ألاَ تَخَافُ الأسَدَ النَّهُوْسا ***

والنَّهاس بن قَهْمٍ‏:‏ من أصحاب الحديث، وأصْلُه من نَهْسِ اللَّحْمِ‏.‏

ونَهَسَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلّم- من كَتِفٍ وصَلّى ولم يَتَوَضَّأْ‏.‏ وروى صَفْوانَ بن أُمَيَّةَ -رضي الله عنه- عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسَلَّم- أنَّه قال‏:‏ انْهَسُوا اللَّحْمَ نَهْسًا فإنَّه أهْنَأُ وأمْرَأُ‏.‏

وقال الفرّاء‏:‏ في نَوَادِرِه‏:‏ نَهِسَ -بالكسر- لُغَةٌ في نَهَسَ‏.‏

ونَهَسَتْه الحَيَّة ونَهَشْته‏:‏ أي لَدَغَتْه، قال‏:‏

وذاةِ قَرْنَيْنِ طَحونِ الضِّرْسِ *** تَنْهَسُ لو تَمَكَّنْتُ من نَهْسِ

تُدِيْرُ عَيْنًا كشِهَابِ القَبْسِ ***

وقال أبو حاتِمٍ‏:‏ النُّهَسُ -مثال صُرَدٍ-‏:‏ طائرٌ يُشْبِه الصُّرَدَ إلاّ أنَّه ليس بِمُلَمَّعٍ، يُدِيْمَ تَحْرِيْكَ ذَنَبِه، يَصْطاد العَصَافِير، والجَمْع‏:‏ النِّهْسَانُ‏.‏ ودَخَلَ زيد بن ثابِت -رضي الله عنه- على شُرَحْبِيْل بالأسْوَافِ وقد صادَ نُهَسًا، فأَخَذَه من يَدِه وأرْسَلَه وقال‏:‏ أمَا عَلِمْتَ أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وَسَلَّم- حَرَّمَ ما بَيْنَ لابَتَيْها‏.‏ ومَعنى الحَديثَ‏:‏ أنَّه كَرِهَ صَيْدَ المَدِيْنَةِ -على ساكِنيها السَّلام- وجَعَلَ حَرَمَها كحَرَمِ مَكّةَ حَرَسَها الله تعالى‏.‏

والتركيب يدل على عَضَّةٍ على شَيْءٍ‏.‏

نهمس

أمْرٌ مُنَهْمَسٌ‏:‏ أي مَسْتُورٌ، قاله شَبَابَةُ، وذَكَرَه ابن عَبّاد أيضًا‏.‏

نيس

نَيْسان‏:‏ الشَهْرُ السّابِعُ من الشُّهُورِ بالرُّوْمِيَّة‏.‏

هبرس

ابن عبّاد‏:‏ مَرَّ يَتَبَهْرَس‏:‏ إذا مَرَّ يَتَبَخْتَرْ‏.‏

هبس

الهَبَسُ -فيما يقال-‏:‏ الخِيْرِيُّ‏.‏

هبلس

ابن عبّاد‏:‏ ما بِها هِبْلِسٌ ولا هِبْلِيْسٌ‏:‏ أي أحَدٌ‏.‏

هجبس

أبو عمرو‏:‏ الهَيْجَبُوْسُ‏:‏ الرَّجُل الأهْوَج الجافي، وأنشد‏:‏

أحَقٌّ ما يُبَلِّغُني ابن تُرْنى *** من الأقوامِ أهْوَجَ هَيْجَبُوْسُ

هجرس

أبو زيد‏:‏ الهِجْرِس‏:‏ القِردُ، وبَنو تَميم تَجْعَلُه الثَّعْلَب‏.‏ وقال أُسَيْد لِعُيَيْنَة بن حِصْنٍ -رضي الله عنهما- وهو مادٌّ رِجْلَيْهِ بَيْنَ يَدَي رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ «يا عَيْنُ الهِجْرِسِ؛ أتَمِّدُّ رِجْلَيْكَ بينَ يَدَي رسولِ الله -صلى الله عليه وسلّم-‏؟‏‏.‏ وقيل هوَ وَلَدُ الثَّعْلَب، ويوصَفُ به اللَّئيم، قال الكُمَيْت يصف ناقَتَه‏:‏

إذا ما الهَجَارِسُ غَنَّيْتَها *** يجاوبْنَ بالفَلَواتِ الوبارا

قال الأصمعيّ‏:‏ أخْطَأ، لأنَّ الوبارَ تكون في الجِبالِ لا في الفَلَواتِ، وإنَّما يُريدُ‏:‏ أن الثَّعالِب إذا ضبحتْ في الفلاةِ تَسْمَعُها الوبارُ في الجِبالِ فَتَضَاغَبَت من فوقها لأنّها تَأْكُلُها‏.‏ وأنشد أبو عُبَيْد‏:‏

وهِجْرِس مَسْكَنُهُ الفَدافِدُ ***

ويقال‏:‏ الهِجْرِس‏:‏ جميع ما تَعَسْعَسَ باللَّيْلِ؛ ما دونَ الثَّعْلَبِ وفَوْقَ اليَرْبُوعِ، قال‏:‏

بِعَيْنَيْ قطاميٍّ نَمى فوق مرقَبٍ *** غَدا شَبِمًا يَنْقَضُّ بَيْنَ الهَجَارِسِ

وقال الليث‏:‏ رَمَتني الأيَّامُ عن هَجَارِسِها‏:‏ أي عن شَدائِدِها‏.‏

وقال ابن عبّاد‏:‏ الهَجَارِس‏:‏ القِطْقِطُ الذي في البَردِ مِثْلُ الصَّقِيع‏.‏

وهِجْرِس‏:‏ من الأعلام‏.‏

وفي المَثَل‏:‏ أزْنى من هِجْرِس، قيل‏:‏ هو الدُّبُّ؛ وقيل‏:‏ القِرْدُ، وأغْلَمُ من هِجْرِسٍ‏.‏

هجس

الهاجِسُ‏:‏ الخاطِرُ بالبال؛ وهو أنْ يُحَدِّثَ نَفْسَهُ ويَجِد في صَدْرِه مِثْلَ الوَسْوَاس، قال ذو الرُّمَّة‏:‏

وتَهْجِيْرَ قَذّافٍ بأجْرامِ نَفْسِهِ *** على الهَوْلِ لاحَتْهُ الهُمُوْمُ الهَوَاجِسُ

يقال منه‏:‏ هَجَسَ في صَدْري شَيْءٌ يَهْجِسُ -بالكسر- هَجْسًا‏.‏

والهَجْسُ -أيضًا-‏:‏ النَّبْأةُ يَسْمَعُها ولا يَفْهَمُها، قال طَرَفَة بن العَبْد يَصِفُ ناقَتَهُ‏:‏

وصادِقَتا سَمْعِ التَّوَجُّسِ للسُّرى *** لِهَجْسٍ خَفيٍّ أو لِصَوْتٍ مُنَدَّدِ

وقال الليث‏:‏ الهَجْسُ‏:‏ ما وَقَعَ في خَلَدِكَ، تقول‏:‏ هَجَسَ في نَفْسي هَمٌّ وأمْرٌ، وأنشد‏:‏

فَطَأْطَأَتِ النَّعَامَةُ من قَرِيْبٍ *** وقد وَقَّرْتُ هاجِسَها وهَجْسي

النَّعَامَةُ‏:‏ فَرَسُه‏.‏

والهُجَيْسِيُّ -مثال نُمَيْرِيٍّ-‏:‏ فَرَسٌ كانَ لِبَني تَغْلِب، وهو ابن زادِ الرَّكْبِ‏.‏

والهَجّاس -بالفتح والتشديد-‏:‏ الأسَدُ المُتَسَمِّعُ، قال مالِك بن خالِد الخناعيّ؛ ويروى لأبي ذُؤيب الهُذَليِّ أيضًا يصف الأسَد‏:‏

يَحْمي الصَّريْمَةَ أُحْدَان الرِّجالِ له *** صَيْدٌ ومُسْتَمِعٌ باللَّيْلِ هَجّاسُ

الصَّرِيْمَة‏:‏ موضِع، قال الأخفَش‏:‏ معناه يحمي الصَّرِيْمَةَ مِن أُحْدانِ الرِّجالِ، وهَجّاس‏:‏ يَهْجِس ويُفَكِّر في نَفْسِه، وقال أبو عمرو‏:‏ هَجّاس‏:‏ يَهْجِس لَيْلَتَهُ جَمْعاءَ في السَّيْر‏:‏ أي يَسْهَرُها‏.‏

وهَجَسَني عن كَذا‏:‏ أي رَدَّني‏.‏

ووَقَعوا في مَهْجُوْسٍ من الأمْرِ‏:‏ أي في ارْتِباكٍ واخْتِلاطٍ وعماءٍ منه‏.‏

وقال أبو زيد‏:‏ الهَجيسَة‏:‏ الغَرِيْضُ مِنَ اللَّبَنِ في السِّقاءِ، ومِثلُه الخامِطُ والسّامِطُ، وهو أوّل ما يَتَغَيَّر‏.‏ وقال الأزهَريّ‏:‏ الذي عَرَفْتُه في هذا المعنى‏:‏ الهَجِيْمَةُ وأظُنُّ الهَجِيْسَةَ تَصْحِيْفًا‏.‏ والذي يَدُلُّ على صِحَّةِ قَوْلِ أبي زَيْد حديثُ عمر -رضي الله عنه-‏:‏ أنَّ السّائبَ بن الأقْرَع بن جابِر الثَّقَفِيّ -رضي الله عنه- قال‏:‏ حَضَرْتُ طَعامَهُ فَدَعا بلَحْمٍ غَليظٍ وخُبْزٍ مُتَهَجِّسٍ‏.‏ أي فَطِيْرٍ لم يَخْتَمِرُ عَجِيْنُه، وأصْلُه مِنَ الهَجِيْسَةِ، ثمَّ اسْتُعْمِلَ في غَيْرِه‏.‏

وانْهَجَسْتُ‏:‏ أي ارْتَدَدْتُ‏.‏